لماذا اختصر ترامب مدة الـ50 يوماً المخصصة لبوتين؟

لماذا اختصر ترامب مدة الـ50 يوماً المخصصة لبوتين؟

استدارة أخرى. وهذه المرة مفاجئة أكثر من الأولى. بالتوازي مع إعلانه نقل أسلحة إلى أوكرانيا منذ نحو أسبوعين، منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب روسيا خمسين يوماً لوقف الحرب، تحت طائلة فرض رسوم جمركية ثانوية على شركائها التجاريين. كان ثمة ما يستدعي قراءة حذرة لـ”التحول” في نظرة ترامب إلى النزاع. فمهلة الخمسين يوماً كافية لمواصلة التقدم الميداني البطيء لروسيا قبل الخريف. كذلك، أمكن الرئيس الأميركي أن يعاود تمديد المهلة. المفاجأة أنه قصّرها، وبشكل درامي. فقد أصبحت تراوح بين 10 و12 يوماً بدءاً من يوم الإثنين.

 

سبب تقليص الموعد النهائي كما قال هو عدم رؤية أي تطور على الأرض، لذلك، “ما من داعٍ للانتظار”. ربما فهم ترامب أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين قرأ الفترة الزمنية الممنوحة على أنها “ضوء أخضر” للمضي قدماً. لماذا كان على بوتين أن يكوّن قراءة أخرى سؤال يفتقر إلى إجابة واضحة.

 

3 أسباب

ليس مستبعداً أن يكون ترامب قد لمس مؤخراً فاعلية إطلاق المهل الزمنية ثم تقليصها فجأة، خصوصاً على مستوى إفقاد الأعداء توازنهم. فهو أعلن في 19 حزيران/يونيو أنه سيتخذ قرار ضرب إيران في غضون أسبوعين، لكنه نفذ قراره بعد أربعة أيام فقط. في نهاية المطاف، يتناسب ترك ترامب أعداءه في حالة تخمين مع اعتزازه بعدم قدرة الآخرين على استشراف سلوكه.

 

وقد تلعب الصفقة التجارية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي دوراً في القرار. بعدما حقق ترامب نصراً تجارياً كبيراً بحسب اعترافٍ (مرير) من الأوروبيين، ربما شعر بحافز لتحقيق نصر آخر على روسيا. مع ذلك، قد يرتبط الضغط المرتقب على موسكو بعلاقات أمنية راحت تتوطد تدريجياً مع الأوروبيين خلال الأسابيع الماضية. حديث ترامب عن “فوز كبير” للحضارة الغربية بفعل تعهد الناتو إنفاقاً دفاعياً يبلغ 5 في المئة هو مؤشر إلى ذلك. باختصار، يمكن أن يكون الاتفاق التجاري جزءاً من نمط متعدد الأوجه لتقارب عابر للأطلسي، وهو تقارب يخدم أميركا أولاً، وأوروبا ثانياً. بالنسبة إلى بروكسل، هذا أفضل من أن يخدم أميركا أولاً وأخيراً.

 

الاتفاق التجاري الجديد بين أميركا وأوروبا (أ ب)

 

ومن العوامل المحتملة التي ساهمت في القرار الأخير إبداء ترامب اهتمامه بشراء طائرات أوكرانية بلا طيار. أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن واشنطن قد تشتري ما بين 10 إلى 30 مليار دولار من المسيّرات فيما ستشتري أوكرانيا أسلحة أميركية أخرى. وأضاف أن الاتفاق موجود وكلّف عدداً من المسؤولين بإعداد تفاصيله. بما أن أميركا متأخرة نسبياً في صناعة المسيرات بحسب معلقين أميركيين، وبالنظر إلى وجود استعجال لدى الإدارة لتطوير هذا القطاع، تقدّم أوكرانيا فرصة سريعة ومُختبَرة للأميركيين. ربما يكون تقصير المهلة أحد أثمان الاتفاق الجديد المفترض.

 

مرحلة مختلفة

بالرغم مما سبق، لا يزال ينبغي التعامل مع قرار ترامب الجديد بحذر. فالرئيس الأميركي لا يحب إلزام نفسه بمهل زمنية، وإعادة التمديد تبقى واردة. ما حصل مع إيران يبقى استثناء بالنسبة إلى نمط المواعيد النهائية للرئيس الأميركي والتي خضعت في أغلب الأحوال للتمديد والتجديد. “خيبة الأمل” التي يبدو أن ترامب يشعر بها حيال بوتين تصعّب عليه التعاطف مع روسيا حالياً. لكن لا يزال من المبكر القول إنها تكسبه تعاطفاً تجاه أوكرانيا. في جميع الأحوال، يظهر أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تدخل مرحلة سياسية جديدة مثيرة للاهتمام.