عون يتهم والجزائر تستجيب: منحة نفطية، استئناف الرحلات الجوية، دعم للإعلام الرسمي، وبدء إعادة الإعمار.

الجزائر: موناليزا فريحة
تنقل زيارة الرئيس اللبناني جوزف عون للجزائر العلاقة بين بيروت والجزائر الى مرحلة جديدة بعد التوتر الذي شاب العلاقات بين الجانبين على خلفية ما سمي أزمة “شحنة الوقود” المغشوش ذات صلة بشركة “سوناطراك” الجزائرية، والتي يبدو أن الجانبين بدآ يتجاوزاها.
وتجلت معالم المرحلة الجديدة بالحفاوة التي لقيها عون والوفد المرافق في الجزائر، ونوع الاتفاقات المتوقعة والتي توحي بأولويات جديدة للجزائر في المنطقة، بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف السابق للجزائر، ووصول سلطة جديدة برئاسة أحمد الشرع لا تزال العلاقات بينها وبين الجزائر “صامتة” على حد تعبير مراقب للدبلوماسية الجزائرية.
وعون هو أول رئيس لبناني يزور الجزائر منذ أكثر من ربع قرن. ويرافقه في زيارته وزيرا الخارجية يوسف رجي والإعلام بول مرقص ومستشار الرئيس لإعادة الإعمار الوزير السابق علي حمية، وهي تركز على ملفّات اقتصادية وثقافية، يتقدمها ملف اعادة الإعمار,
ولم تتأخر نتائج الزيارة في الظهور. فبعد قمة تبون وعون، أعلنت الخطوط الجوية الجزائرية استئناف رحلاتها الى لبنان في 14 آب (أغسطس) المقبل، وقد أعطيت التعليمات لإجراء الترتيبات الضرورية لذلك.
فيول وتلفزيون وإذاعة لبنان
كذلك، علم أن الجزائر أبلغت الجانب اللبناني تقديم هبة تشمل سفينتين محملتين بالفيول لصالح معامل الكهرباء.
وفي الشأن الإعلامي، وقع وزير الاعلام اللبناني بول مرقص ونظيره الجزائري مذكرات تفاهم تنص على مساعدة تلفزيون وإذاعة لبنان والوكالة الوطنية للاعلام وتأليف لجنة مشتركة تضم ممثلين للثلاثة للتنفيذ.
وسلم الوزير مرقص نظيره الجزائري لوائح بالمعدات والتجهيزات الإعلامية المطلوبة بشكل عاجل.
إعادة الإعمار
وفي ما خص ملف اعادة الاعمار ، علمت “النهار” أن الرئيس الجزائري كلف لجنة مهندسين جزائلاريين للكشف ميدانياً على الأضرار التي خلفتها الحرب الاسرائيلية الأخيرة في المنشآت الحكومية والبلدية، تمهيداً لتلبية طلب لبنان بالمساعدة في اعادة البناء.
وقال مرقص لـ”النهار” إن لبنان أعد ملفين، الأول يتعلق باعادة إعمار المنشآت الحكومية والبلدية والمرافق التابعة لها، والثاني يتعلق بالترميم الإنشائي للمباني السكانية في إطار الإغاثة الإنسانية.
وأوضح أن الملفين مفصلان بأسماء المخافظات والأقضية والبلدات، مضيفاً أنه خلال الاجتماع مع الرئيس الجزائري، طلب عون من الوزير حمية أن يشرحها. وعلى الأثر ، رد تبون بأن الجزائر هي أكبر سند للبنان في إعادة الإعمار. وبناء عليه، أوعز بتكليف لجنة من المهندسين لمتابعة الملف.
وعلمت “النهار” أن كلفة المشروع تقارب 200 مليون دولار.
وتأتي ازيارة عون للجزائر في وقت صعب للبنان، إذ يواجه ضغوطاً عربية وغربية لالتزام حصر السلاح في يد الدولة، وتطبيق إصلاحات اقتصادية ومالية كشرط أساسي للحصول على مساعدات من المؤسسات المالية الدولية.
واضطلع السفير الجزائري في بيروت كمال بوشامة بدور مهم في اتمام الزيارة بعد ارجائها مرات، علماً أنه يعرف لبنان جيداً وكان سفيراً في دمشق عند سقوط نظام الأسد.
ومن المتوقع أن تعلن خلال الزيارة التي تختتم اليوم اتفاقات في مجالات ثقافية، بما فيها انشاء مركز ثقافي جزائري – لبناني في قلب بيروت.
عون: لم تغب مرة عن المساعي الحميدة
ونوه عون في كلمة ألقاها بعد لقائه تبون بمواقفَ الجزائر الداعمة للبنان دوماً، مذكراً بأنها “لم تغبْ مرةً عن المساعي العربية الحميدة، لخروجِه من أزماتِه وإنهاءِ حروبِه المركّبة بين داخلِه والخارج”. وأضاف: ” كان للجزائر دائماً، دورٌ بارزٌ في تلك المهمة المشكورة. خصوصاً، يومَ شاركت ضمنَ اللجنة العربية العليا، مع كلٍ من البلدين الشقيقين العزيزين، المملكة السعودية والمملكة المغربية، في الجهودِ التي أدّت إلى إقرارِ وثيقةِ الوفاقِ الوطني في مدينةِ الطائف”.
وتحدث عون عن مجالاتِ التعاونِ بين البلدين، مشيراً خصوصاً الى إعادةِ إعمارِ ما خلّفته الاعتداءاتُ والحروبُ الأخيرة “على مستوى المنشآتِ الحكومية، والبنى التحتية، وبيوتِ الذين دُمرت منازلُهم”.
وقلد الرئيس الجزائري ضيفه وسام الاستحقاق من رتبة “أثير”، وهو أحد أرفع الاوسمة الجزائرية.
وازدانت طرقات العاصمة الجزائرية، ولا سيما الطريق المؤدية من مطار بومدين الى مقر إقامة الرئيس عون بالاعلام اللبنانية والجزائرية واللافتات الترحيبية بزيارة رئيس الجمهورية.
ويختتم الرئيس عون زيارته للجزائر اليوم بزيارة كاتدرائية السيدة الأفريقية والمسجد الكبير.