من تراث الأمس إلى مواجهة اليوم بين المعلم وطلابه

من تراث الأمس إلى مواجهة اليوم بين المعلم وطلابه

في عالم كرة القدم، المجد الذي يُصنع بالأمس قد يتحوّل في أي لحظة إلى مواجهة محتدمة، بحيث يصبح المعلّم خصماً لتلميذه، بدلاً من أن يكونا شركاء في دروب النجاح.

كرة القدم تزخر بقصص تُبرز كيف يمكن للعلاقة بين المدرب واللاعب أن تتخذ منحى معقداً؛ فالمدرب الذي يكتشف المواهب ويطلقها نحو النجومية، قد يجد لاحقاً أنّ هذه المهارات نفسها التي صقلها أصبحت خصماً قوياً أمامه في أهم البطولات.

واحدة من أبرز هذه القصص تتعلق بالمدرب البرتغالي روبن أموريم ومهاجمه السويدي فيكتور غيوكيريس خلال قيادته نادي سبورتينغ لشبونة. تمثّلت هذه العلاقة بشراكة مميزة؛ إذ منح أموريم ثقته لغيوكيريس، الذي بدوره ردّ الجميل بإنجازات باهرة وأهداف حاسمة في أهم اللحظات.

 

المدرب روبن أموريم. (إكس)

سجّل غيوكيريس تحت قيادة أموريم 66 هدفاً في 68 مباراة، مما جعله واحداً من أبرز المهاجمين في الساحة الأوروبية، لكن الأقدار لم تكتف بجمعهما كشريكين في النجاح، بل شاءت أن تجمعهما لاحقاً كخصمين في الدوري الإنكليزي الممتاز، خصوصاً بعدما انتقل المهاجم السويدي إلى صفوف أرسنال، بينما يتولى أموريم منصب المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد، ليقفا في مواجهة بعضهما على طرفي المنافسة.

غيوكيريس ليس الحالة الفريدة، فكرة القدم مليئة بأمثلة مماثلة؛ أنطوان غريزمان، على سبيل المثال، تطوّر بشكل ملحوظ تحت قيادة دييغو سيميوني في أتلتيكو مدريد، الذي حوّله من جناح نمطي إلى نجم عالمي.

وقبل انتقاله إلى برشلونة، شارك غريزمان في أكثر من 300 مباراة بقيادة سيميوني وساهم بأداء استثنائي وأهداف حاسمة، قبل أن يتحوّل إلى خصم عنيد أمام مدربه السابق، مقدّماً مستويات لافتة عندما واجه فريقه السابق أتلتيكو مدريد.

رحيم سترلينغ يُضاف أيضاً إلى هذه القائمة؛ فبعد نمو موهبته بشكل كبير تحت إشراف بيب غوارديولا في مانشستر سيتي، وشارك معه في 292 مباراة سجل خلالها 131 هدفاً وصنع 74 تمريرة حاسمة، انتقل إلى تشيلسي، وواجه مدربه الإسباني كخصم عنيد وسجل أمام فريقه السابق أهدافاً لا تُنسى.

ساديو ماني مثال آخر لهذه الديناميكية؛ فقد تألّق تحت إدارة يورغن كلوب خلال مسيرته مع ليفربول، لكنه انتقل لاحقاً إلى بايرن ميونيخ والتقى كلوب وهو يرتدي قميص المنافس في دوري أبطال أوروبا.

كل هذه الحكايات تؤكد أنّ كرة القدم تجسد تناقضات ممتزجة بالكبرياء والطموح، فالمعلم الذي يصنع أسطورة لاعب اليوم قد يجد نفسه أمام تحدٍ صعب غداً عندما يتحوّل تلميذ الأمس إلى خصم يسعى لإثبات هويته.