المال تصادق على قانون إصلاح المصارف بانتظار تحويل موضوع ‘الانتظام المالي واسترداد الودائع’

يُرتقب أن تكون جلسة المال والموازنة التي عُقِدت أمس، لمناقشة مشروع القانون المتعلق بإصلاح المصارف، هي المحطة ما قبل الأخيرة في “ماراتون” الانتظار والصبر الذي عاشه اللبنانيون، في انتظار ولادة واحد من أهم القوانين الإصلاحية المطلوبة بإلحاح من المجتمعين المحلي والدولي.
فالمشروع بصيغته شبه النهائية، التي قد تتعرّض لبعض “الروتوش” في بنود الصلاحيات، درءاً لتشابك المؤسسات، يحظى بتفاهم وتفهم واسع لدى غالبية الأطراف المعنية بإنقاذ القطاع المصرفي، واستعادة الودائع.
يعيد المشروع تشكيل دور المصارف، وترتيب أوضاعها وحوكمتها، بما يتوافق مع المعايير الحديثة للصناعة المصرفية، وما تطلبه المنظمات والمؤسسات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمها صندوق النقد الدولي. ويؤكد وعد الدولة والحكومة في المحافظة على الودائع ومنع التمييز في الحقوق بين مودع وآخر، وهو ما أكده رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان بعد إقرار لجنة المال مشروع قانون إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها “لا تمييز بين المودعين، وما يطبَّق على مودع يطبَّق على الآخر، وما من مودع أهم من الآخر فكلهم لهم حقوق”، موضحاً أنه “لن تتم التضحية بأموال المودعين ولا المحاسبة، فالكل يعلم كيف هدر المال وكيف توزع ذلك بين الحكومة ومصرف لبنان والمصارف”.
وفيما جزم العديد من المسؤولين والمصرفيين بأن “القانون لن يلغي هويّة مصارف لبنان التاريخية، أفصحت المناقشات في مضامينه، ومندرجات بنوده، أنه سيحافظ كلياً، على ديناميكية وحرية السيولة وحركتها من المصارف وإليها، لكن مع شيء من تشدد وتدقيق، من مصرف لبنان ولجنة الرقابة، قد تزيد عما كان سابقاً، للعودة بالقطاع إلى عهده الذهبي”.
بيد أن الولادة المرتقبة في جلسة تشريعية الخميس المقبل، ستبقيه حكماً قيد التوقيف، ومربوطاً بحبل سرة المادة 37 منه التي تربط تطبيقه بإقرار المجلس النيابي “قانون الفجوة المالية” الذي يحدد ويوزع المسؤوليات بين المصارف ومصرف لبنان والدولة.
إذن، أقرت لجنة “المال والموازنة” برئاسة النائب إبراهيم كنعان، مشروع قانون إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، بعدما ناقشت تقرير اللجنة الفرعية وتعديلاتها في جلسة استمرت نحو 6 ساعات. وذكّر كنعان بتوصية اللجنة للحكومة في أيار الماضي بإحالة قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع، وهو ما لم تقم به الحكومة حتى الآن، مؤكداً “استقلالية الهيئة المصرفية العليا عن السلطة السياسية وعن المصارف، على أن يتمثل فيها المودعون”.
إلى ذلك، سيحضر المشروع الإصلاحي، كأحد البنود الرئيسية على جدول أعمال الجلسة التشريعية، التي سيدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الأسبوع. القانون أتى بعد 9 جلسات للجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة درست فيها مختلف جوانب المشروع الذي أعدته الحكومة وأرسلته إلى المجلس النيابي. وجرت الاجتماعات بحضور وزراء المال والاقتصاد والعدل، وحاكم مصرف كريم سعيد الذي كان يشدد على ضرورة أن تعكس الأحكام التشريعية المرتقبة على استقلالية مصرف لبنان وفقاً لأحكام قانون النقد والتسليف.
وفي قراءة قانونية ترى المحامية الدكتورة جوديت التيني أن المصارف ستكون أمام خيارين: التصفية أو إعادة الهيكلة، وأن المشروع ينشئ في مادته الخامسة هيئة مختصة بإصلاح وضع المصارف، مع إنشاء هيئة مصرفية عليا مؤلفة من غرفتين، الغرفة الأولى تُعنى بتعثر المصرف وصلاحياتها عقابية، والثانية لها علاقة بالأزمة الشاملة وتناط بها صلاحيات إعادة الهيكلة كما يحددها هذا القانون.
تلفت التيني إلى أن القانون بصيغته النهائية لم يقر بعد، وسيعود الأمر في ذلك إلى الهيئة العامة لمجلس النواب، التي لا بدّ لها من أن تحرص على “أن يحقق القانون المبادئ الآتية: استقرار النظام المالي، حماية الودائع في عملية التصفية، والحد من استخدام الأموال العامة في عملية إصلاح وضع المصارف”.
وتؤكد التيني أن “إقرار القانون في الشكل، هو خطوة جيدة تأتي بعد إقرار قانون رفع السرية المصرفية، لكن ذلك لا يكفي، والمطلوب اليوم أن تحيل الحكومة في أقرب وقت ممكن وبصورة مستعجلة قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، كي تترجم هذه السلة التشريعية الجديدة الخطة الإصلاحية المزعومة وتعالج جميع الإشكاليات معاً ولا سيما إصلاح المصارف والفجوة المالية، على أن من الضروري أن تُنفَّذ أحكام هذه القوانين بالتوازي، كي تكون إعادة أموال المودعين أولوية”.
وفي الأمور الإجرائية والتقنية، تقول إن “الأحكام القانونية الجديدة ستلغي ما سبقها من أحكام قانونية وما هي مخالفة لها، مع أهمية إلغاء المادة 38 من قانون موازنة 2020، التي للأسف جرى تمريرها من الحكومة والمجلس النيابي، في خضم الأزمة المالية، ضمن الموازنة العامة، خلافاً لأصول التشريع الدستورية، لأنها من فئة “فرسان الموازنة” التي لا علاقة لها أصلاً بالموازنة”.