عباس النوري لـ”النهار”: زياد الرحباني… كان لديه عالمه الخاص

عباس النوري لـ”النهار”: زياد الرحباني… كان لديه عالمه الخاص

عباس النوري – سوريا

 

لم ألتقه لكنني منذ عرفته، لاذعاً ولاسعاً وحاملاً للسوط من دون ألم.

صار كأحد  تفاصيلي ويومياتي… يلسع في تفاصيلنا ويمتعنا بأوجاعنا التي لم ولن تنتهي. 

كنت أرى فيه نبوغ صعاليك جاهلية العرب كما أرى فيه جحا وأشعب وأبا نواس وحنظلة وأدونيس والماغوط ومحمود درويش والمعري وابن رشد وزرياب وسيد درويش وكل شيوخ الطرب في حلب. 

كان له فاتيكانه الخاص. 

يفتي لحياته حتى لتخاله شيخاً أزهرياً يعزف على هدير البوسطة الحاملة لتاريخ موجع دون خجل، ومستقبلاً يحرجه الحضور في حضرة التخلف.

لم تتسع له الحياة كما اتسعت للسعات إبداعه ولم يتمكن من خوض الحياة باستقرار الموروث كما غيره لأنه لا حدود له مع العيش الذي كان بيومه.

وكأنه ممثل لجيل نحلم به وننتظره ولا بد من وقت ما سيحضر فيه ليصرخ فينا (شفتوا كيف شكلو بكر!!).

تتبعته رافضاً لكل شيء ناقداً ومفحماً. 

هو المثقف الذي ينسى كل كتبه أمام ما يقرأه يومياً في الناس، وفي البيت والشارع، وفي كل مكان تطأه قدماه.

خريطة البلد كانت مكتبته التي ودعها ولم يكمل القراءة.

زياد… لأنك شبيه لما نرغب أن نكون عليه سنفتقدك فينا دائماً. 

كم كنت حقيقياً، وكم دفعت لأجل ذلك!

يكفيك كم تركت فينا من الحب.