لبنان في الأوقات العصيبة: بين تصلب الحزب والخطة الخطيرة

محمد عبدالله
لبنان في اللحظات الحرجة بين الرد اللبناني ورد الجناح العسكري لـ”حزب الله” الذي أبلغ المعنيين، بحسب المعلومات، انه لن يسلم السلاح!
وعلى وقع محاولة اختراع خبرية الفصل بين جناحين للحزب على نسق حركة “حماس”، كان رد المبعوث الأميركي توم براك أن “النظرة الى حزب الله على أنه منظومة إرهابية وليس هنااك من تواصل او حوار لا معه ولا مع اجنحته “.
إذاً، محاولات تمييع الرد اللبناني وديبلوماسية الرئيس نبيه بري، والشوكولاته الطيبة في عين التينة التي أعجبت الموفد الأميركي، والتصريحات المحلية أن لبنان مع ضبط السلاح بيد الدولة، سقطت كلها ولم تعد تجدي، ولن تنطلي على أحد .
وقد عبر عنها براك في تغريدة لافتة عبر حسابه، قائلاً: “إن صدقية الحكومة اللبنانية تعتمد على قدرتها التوفيق بين المبدأ والممارسة”.
وتابع: “كما قال قادتها مراراً وتكراراً، فمن الأهمية بمكان أن تحتكر الدولة السلاح. وطالما احتفظ حزب الله بالسلاح، فإن التصريحات لن تكون كافية”.
هذا آخر تصريح للموفد الاميركي والذي اعتبر بمثابة الإنذار الاخير… إذاً الديبلوماسية والتصريحات والتطمينات، لم تعد تنفع في تحييد لبنان عن كارثة جديدة .
اسرائيل بدأت بمخططها الجهنمي لضرب الاستقرار عبر محاولة خلق فتنة سنية – درزية مبنية على حوادث السويداء، وما يحصل ليس بعيدا عما يحاك في غرف العمليات السوداء.
ويعلم الاسرائيلي أن افضل وسيلة لضرب بنية ما تبقى من “حزب الله”، هي إشعال حرب عصابات قد تندلع في اي لحظة عبر ايقاظ الخلايا النائمة .
وبذلك تتحول الفتنة الدرزية – السنية فتنة ثلاثية الأبعاد بعد توريط “حزب الله” فيها !
فالمخطط هنا يهدف الى زعزعة الاستقرار في عدد من المناطق اللبنانية، من جهة لتغطية ادعاءات “حزب الله” بضرورة تمسكه بسلاحه، ومن جهة أخرى لخلق جو فتنة، باعتبار ان الحزب الشيعي يواجه مجموعات سنية. وفي كل هذا السيناريو، تبقى قائمة غرفة العمليات الخفية لأكثر من طرف داخلي وخارجي يسعى الى “الفوضى الخلاّقة “!
وما يثير القلق ويؤكد هذه السيناريوهات، أن “حزب الله” أومن يسيطر على الجناح العسكري فيه، يركز على شراء الاسلحة والصواريخ القصيرة المدى والتي تستخدم في ما تعرف بحرب العصابات.
أما على الصعيد الإقليمي، وتحديداً التركي، فإن المعلومات تشير الى أن أنقرة لن تقف مكتوفة أمام أي تطور أمني على حدودها بما في ذلك الشمال اللبناني، وستتدخل لمنع امتداد أي فوضى، وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية التركي الذي اعتبر ذلك تهديداً للأمن القومي لبلاده.
وأمام كل هذا التصور، وفي الذكرى السنوية لما حصل في مجدل شمس، القرية الدرزية التي استهدفت، وبعدها انطلقت الحرب الاسرائيلية على لبنان بذريعة الانتقام للدروز، فيما نفذت إسرائيل ما خططت له من ضرب لـ”حزب الله” وحققت ما تريد، وبالطبع ستكمل مشروعها.
من هنا على الجناح العقلاني في “حزب الله”، إذا وجد وإذا سمح له، أن يعي خطورة المخطط ويسحب الفتيل الإسرائيلي، ويجنب البلد مغامرة جديدة ليس بقادر على تحملها، وهو بذلك يجنب بيئته أولاً مأساة جديدة، فنصبح امام أرقام مضاعفة للخسائر البشرية
والاقتصادية والعمرانية.
اذا كل الكلام عن تعهد لبنان والحكومة اللبنانية ضبط السلاح لا قيمة له إذا ما قرر “حزب الله” التمسك باللغة الخشبية للاحتفاظ بسلاح لم يحم ولم ينفع، ولم يؤمّن قوة الردع امام التطور التقني والذكاء الاصطناعي الذي تمتلكه اسرائيل.
أخيراً، أمام كل ذلك لا يسعنا إلا طلب التعقل واعتماد المنطق لننجو من حرب شعواء تهدد بتقسيم لبنان، وعندها لات ساعة مندم.
المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة “النهار” الاعلامية