هدنات غزّة تتواصل تحت ضغوط دولية… وصراع على النفوذ

هدنات غزّة تتواصل تحت ضغوط دولية… وصراع على النفوذ

اتجهت الأنظار نحو غزّة بعد الإعلان عن توقفات إنسانية للنار إثر المجاعة التي استفحلت وبدأت تنتشر مشاهدها بشكل واسع على المستوى الدولي وتحرّك الرأي العام، وبدأت عمليات دخول المساعدات إلى القطاع المحاصر ولكن بكمّيات قليلة جداً وغير كافية، والسؤال عن أفق هذه الهدنات الموضعية والموقتة وما إن كانت سياسة جديدة تعتمدها إسرائيل في غزّة.

ويقول الكاتب المتخصّص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي، لـ”النهار”، إن الوقفات الإنسانية للنار ناتجة عن “ضغط” أوروبي وعربي على الولايات المتحدة، إثر مشاهد الجوع القاسية التي نقلتها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والضغط الشعبي الذي تشكّل في هذه الدول، وارتفاع الأصوات المطالبة بإدخال المساعدات فوراً إلى غزّة.

ويضيف ياغي عاملاً مهماً دفع بإسرائيل نحو هذه الهدنات الإنسانية، وهو الاتفاق الأوروبي – الإسرائيلي الذي قام على مبدأ “إدخال المساعدات ومنع وقوع المجاعة في غزّة مقابل عدم فرض عقوبات مرتبطة بحقوق الإنسان على إسرائيل”، وبالتالي وجدت إسرائيل نفسها “مضطرة” لإطلاق هذه السياسة، ويتوقع ياغي استمرارها وسط انتقادات داخلية وخارجية لسياسة التجويع ونتائجها الدولية عليها.

سؤال يُطرح بشأن أفق تطوّر هذه الهدنات الموقتة والموضعية لتصبح شاملة ودائمة، وهذا مرتبط بمفاوضات الصفقة ووقف النار، وبتقدير ياغي، فإن الاتفاق “في مراحله النهائية”، ومن المرتقب التوصّل إلى هدنة 60 يوماً تفتح المجال لإسرائيل والولايات المتحدة “للتفرّغ” أكثر لملفات المنطقة الحامية في لبنان وسوريا وغيرهما.

 

تظاهرة داعمة لفلسطين (أ ف ب).

 

ويتحدّث عن بعض تفاصيل الصفقة، فيقول إن “حماس” وافقت على خرائط التموضع الإسرائيلي والمناطق العازلة، والصفقة بانتظار الموقف الإسرائيلي الأخير، ويشير ياغي إلى توقّع الوسطاء بأن إسرائيل “لن ترفض”، والبحث جار عن مخارج لمسألة تبادل الرهائن.

إلى ذلك، فإن الاهتمام أيضاً ينصب على نيويورك ومؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، الذي من المرتقب أن ينتهي مع اعتراف 11 دولة بينها فرنسا بفلسطين، بدعم فرنسي – سعودي. وفي هذا السياق، يتحدّث ياغي عن سباق بين الموقفين الفرنسي – السعودي والإسرائيلي.

ويستطرد في هذا السياق: “تريد السعودية تثبيت موقفها من حل الدولتين قبل شروع الولايات المتحدة بتوسيع رقعة الاتفاقات الإبراهيمية، حتى تجري الاتفاقات على هذا المبدأ، وتريد فرنسا دوراً ونفوذاً وإحداث نوع من التوازن مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فتضغط من خلال الموقف الفرنسي لتحقيق مكاسب نفوذ في الملفين اللبناني والسوري”.

ويستفيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من هذا الموقف على المستوى الفرنسي والأوروبي وحتى الدولي، في ظل تحرّك الرأي العام ودعمه غزّة بوجه سياسة التجويع الإسرائيلية، ويفصّل ياغي هذه الاستفادة ويشير إلى أن ماكرون يحتاج إلى هذا الموقف لكسب الدعم الشعبي لحزبه في أي استحقاق فرنسي انتخابي مقبل. والموقفان السعودي والفرنسي في سباق مع الموقف الإسرائيلي الذي يريد فرض السيادة على الضفة الغربية.