المالكي يتولى القيادة من جديد في بغداد والسوداني يعيد النظر في استراتيجياته الانتخابية

المالكي يتولى القيادة من جديد في بغداد والسوداني يعيد النظر في استراتيجياته الانتخابية

رغم انتمائهما إلى المعسكر السياسي ذاته، فجّر الصراع الانتخابي خلافاً صامتاً بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي داخل مجلس محافظة بغداد، إذ تصاعد التوتر بين الطرفين في سباق على منصب المحافظ، انتهى لمصلحة المالكي الذي تولّى صهره إدارة المعركة مساء الأحد.
منذ تولّي السوداني رئاسة الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، بدعم من “الإطار التنسيقي” الذي يتزعمه المالكي فعلياً، بدأت تتشكّل ملامح مشروع سياسي مستقل لرئيس الوزراء، سرعان ما تحول إلى محاولة لإعادة رسم التوازنات داخل البيت الشيعي، من خلال تحالف “الإعمار والتنمية” الذي تحوّل لاحقاً إلى كتلة نيابية.

خلافات في العمق
الخلاف بين السوداني والمالكي ليس طارئاً، بل هو نتيجة تراكمات سياسية تتعلق بإدارة الدولة، والعلاقات الإقليمية والدولية، ومفهوم “المركزية السياسية” داخل الإطار التنسيقي. ففيما يتمسّك المالكي بخطاب تقليدي يرتكز على ثنائية “المقاومة والدولة”، يسعى السوداني إلى ترسيخ صورة رجل الدولة الإصلاحي القادر على استيعاب الداخل والخارج، وإدارة التوازن بين القوى الشيعية المتنافسة.
وقد ظهرت ملامح هذا التباين في محطات عدّة، أبرزها تشكيل حكومة السوداني التي همّشت شخصيات محسوبة على المالكي؛ والتغييرات الإدارية التي طالت مفاصل حساسة في الدولة؛ إضافة إلى الصراع الخفي على رئاسة البرلمان، وملف المحافظين، لا سيما في بغداد والبصرة.
آخر فصول هذا التوتر ظهر في ملف اختيار محافظ بغداد، بعد إحالة المحافظ عبد المطلب العلوي إلى التقاعد بمرسوم جمهوري صدر قبل أيام، بدفع من المالكي الذي لم يرتَح لتقارب العلوي من رئيس الوزراء. وعلى الفور، انطلق حراك سياسي محموم داخل مجلس محافظة بغداد، أفضى إلى طرح مرشحين يمثلان القطبين المتنافسين: ذو الفقار الفياض المدعوم من السوداني، وعطوان العطواني، رئيس اللجنة المالية النيابية، مرشح المالكي.
وعلى الرغم من مساعي السوداني لدعم مرشحه، فإن المالكي تمكّن، من خلال شبكته التنظيمية داخل المجلس، من حشد الأصوات لمصلحة العطواني الذي سبق أن شغل منصب محافظ بغداد بين عامَي 2017 و2018.

معركة استباقية
وتتوقع مصادر مطّلعة على كواليس جلسة مجلس محافظة بغداد، لـ”النهار”، تصاعد وتيرة الصراع بين الطرفين مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرّرة في كانون الأول/ديسمبر المقبل، معتبرة أن انتخاب العطواني لمنصب المحافظ “يمهّد لتقويض فرص السوداني في ولاية ثانية”.
وهنّأ ياسر صخيل المالكي، مساء الأحد، بانتخاب العطواني، معتبراً أن الخطوة “تعكس نجاح التفاهم السياسي والثقة المتبادلة، وتغليب مبدأ الشراكة على المغالبة”.
وتُعد خسارة السوداني في هذه الجولة رسالة سياسية من المالكي مفادها أن ميزان القوى داخل الإطار التنسيقي لا يزال يميل لمصلحته. ويكشف هذا الصراع عن عمق الشرخ داخل المعسكر الشيعي، حيث تحوّلت المجالس المحلية إلى ساحة لتصفية الحسابات وتكريس النفوذ في معركة مفتوحة على المدى البعيد.