ترامب ينفذ “خطة الجحيم”! | النهار

ترامب ينفذ “خطة الجحيم”! | النهار

حتى تاريخه، فشل الرئيس دونالد ترامب في تقديم دليل واحد على أنّه الـ“سوبر مان” الذي طالما حلم أن يكونه.

 

في أوروبا، كانت الحرب الروسية على أوكرانيا، طعنة في خاصرته اليمنى، وفي الشرق الأوسط كانت حرب إسرائيل على غزة، الطعنة في خاصرته اليسرى. قبل انتخابه وبعده، طالما قال إنّه، لو كان في البيت الأبيض، لما حصلت الحروب المشكو منها أصلاً، وإنّه، في حال عودته إليه، سيوقفها، فوراً. وبعد تنصيبه الثاني، راح يطلق مواعيد انتهاء هذه الحروب، ولكنه وجد نفسه، أسبوعاً بعد أسبوع، يرجئ استحقاق السلام إلى “الأسبوع المقبل”.

وبعد تراكم الفشل في تحقيق ما به وعد، انتقل دونالد ترامب إلى “الخطة ب”. لم يتخلّ عن حلم “سوبر مان” لكنّه، بما أنّه عجز عن أن يكون “بطل السلام”، فلا بأس أن يصبح “بطل الحرب”.

في منتصف تموز/يوليو الجاري، هدّد روسيا بفرض عقوبات قاسية عليها، بعد خمسين يوماً، إن لم تلتزم بالسير نحو اتفاق سلمي مع أوكرانيا. وقبل أيّام قليلة، سحب الفريق الأميركي من طاولة التفاوض بين إسرائيل و”حماس”، وطلب من صديقه بنيامين نتنياهو أن يحقق لقادة “حماس” ما يريدونه، أي الموت. وفي إيران، بعدما سارع إلى وقف الحرب الإيرانية – الإسرائيلية إثر شن هجوم على المواقع النووية المحصنة في “بلاد فارس”، توعد بالعودة مجدداً إلى لغة “ب-2 سبيريت” وقنابلها الخارقة لأعتى التحصينات، إن فكرت طهران في إحياء برنامجها النووي، وأوحى بأنه متفاهم مع إسرائيل على المرحلة المقبلة، وبقساوة أكبر، إن لم ترتدع إيران. وفي اليمن، وبعدما توصّل مع الحوثيين إلى اتفاق لوقف النار، على قاعدة تحييد السفن التي ترفع العلم الأميركي في البحر الأحمر، وجد القيادة الحوثية تتراجع لفظياً، عندما أعلنت أن كل السفن، مهما كان العلم الذي ترفعه، ستكون تحت النار، إن كانت وجهتها إسرائيل، الأمر الذي جعله يوافق على مساعدة تل أبيب في وضع بنك أهداف متقدم، من أجل تمكينها، في المقبل من الأيام، من توجيه ضربة قاسية إلى هذه القوة “المدعومة من إيران”. وفي لبنان، لم يجد مناصاً من تفعيل “استراتيجية الجحيم” المرسومة لغزة، بعدما عجزت السلطة عن إقناع “حزب الله” بسحب سلاحه. وحالياً، يمر لبنان في فترة عصيبة جداً، حيث تتكثف التهديدات وتتلاحق. وفي سوريا، وجد نفسه يهدد بتقسيمها، إن لم يتمكن رئيسها أحمد الشرع، بعد كل الدعم الذي أعطاه إيّاه، من “حماية الأقليات والتفاهم معها”.

إذن، خسارة ترامب في تجسيد وعوده السلمية، تجعله يقلب الاتجاه، ولا يتخلّى عن الأحلام. بالنسبة إليه، ما عجز عن تحقيقه بالديبلوماسية، يمكن تحقيقه، بالنار. وهذا انقلاب يفترض أن يكون مرعباً، حقاً، فالمهووس بالنجاح، يمكن أن يقود، ولو من الخلف، حروباً بلا حدود، حيث هدف الانتصار يعلو على كل المبادئ، والقيم، والمواثيق، والقوانين.

نقطة ضعف جميع من يتمردون على “طموح” ترامب، تكمن في أنّه ليس مضطراً إلى تجاوز الخط الأحمر الذي رسمه لنفسه وشعبه، فالجيش الأميركي لن يكون في الميدان، بل جيوش “الحلفاء”. في أوكرانيا، الرجال من عند فولوديمير زيلينسكي، وغالبية المال من دول الاتحاد الأوروبي. وفي الشرق الأوسط، الرجال وغالبية المال من عند بنيامين نتنياهو. هو عليه أن ينسّق، يساعد، يغطي، يسمح ويعطي الضوء الأخضر.

والآن، ماذا سيفعل الضحايا المحتملون لدونالد ترامب “المجروح”؟ هل سيقدّمون مزيداً من الدماء؟ هل سيتراجعون نحو “هامش الأمان”؟

قد تكون هذه الأسئلة معقدة بالنسبة إلى “حماس” المطلوب منها أن تُلغي نفسها بنفسها، ولكنها ليست كذلك. بالنسبة إلى اللبنانيين، المطلوب منهم، في المحصلة، أن يتراجعوا عن السماح لـ”حزب الله” بتغليب منطقه المهزوم على منطق قيام الدولة.