وسط ضغوط داخلية… خطة بريطانية للاعتراف بالدولة الفلسطينية

يعتزم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تقديم خطّة شاملة للسلام في الشرق الأوسط، تتضمّن في مراحلها النهائية الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة من المتوقّع أن تُعرض على الحلفاء، بمن فيهم الولايات المتحدة ودول عربية، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأكّد المتحدّث باسم رئاسة الوزراء أن الخطّة تركّز على سبل “تحويل وقف إطلاق النار في غزة إلى سلام دائم”، مع التأكيد على أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يمثّل إحدى المحطّات الحاسمة في طريق التوصّل إلى حل الدولتين وضمان الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وذكرت صحيفة “التلغرا” أن ستارمر ناقش القضية الفلسطينية بشكل غير رسمي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائهما في ملعب ترامب للغولف بـتيرنبيري يوم الإثنين. وبينما امتنع ترامب عن اتّخاذ موقف واضح، قال: “لن أتّخذ موقفاً. لا أمانع أن يتّخذ هو موقفاً. أسعى لإطعام الناس الآن، هذا هو الأهم”.
وتتزايد الضغوط داخل حزب العمّال على ستارمر لدفعه إلى اتّخاذ موقف أكثر وضوحاً تجاه القضية الفلسطينية، ليتبع خطى فرنسا ويعترف رسمياً بدولة فلسطينية. فقد وقّع ثلث نواب الحزب رسالة تدعو إلى الاعتراف الفوري. بدورها، تحث نائبة رئيس الوزراء أنجيلا راينر زعيم الحزب على المضي قدماً في هذه الخطوة من دون تأخير.
وأوضح المتحدث باسم الحكومة الإثنين أن ستارمر سيعرض “خطّة سلام دائم” على حلفاء المملكة المتحدة، مشيراً إلى أن التفاصيل الكاملة ستُكشف بعد مناقشات مجلس الوزراء هذا الأسبوع، مضيفاً: “نحن واضحون في أن الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يكون جزءاً من خطّة أشمل نحو حل الدولتين، يحقّق سلاماً مستداماً ويضمن أمن جميع الأطراف”.
في السياق، أجرى ستارمر اتّصالات هاتفية السبت مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، تم خلالها الاتّفاق على تنسيق الجهود بشأن خطّة سلام طويلة الأمد، على أن تشمل لاحقاً إشراك شركاء إقليميين رئيسيين لدعم تنفيذها.
فلسطينيون في غزة. (أ ف ب)
وأكّد المتحدّث باسم الحكومة أن ستارمر ملتزم بالعمل مع الحلفاء الدوليين على خطّة تقودها المملكة المتحدة لتحقيق سلام دائم، لافتاً إلى أنّه “سيفصّل هذه الخطّة خلال الأيام المقبلة بالتنسيق مع الدول العربية والولايات المتحدة”.
ورغم التزام حزب العمّال في بيانه الانتخابي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن الحكومة تؤكّد أن توقيت الاعتراف يجب أن يُحدَّد بما يخدم فرص السلام ويأتي ضمن رؤية استراتيجية شاملة تتضمّن وقف القتال، إطلاق سراح الأسرى وتحقيق العدالة للفلسطينيين.
وقال المتحدّث الرسمي باسم رئيس الوزراء إن للفلسطينيين “حقاً غير قابل للتصرّف في الدولة”، مشيراً إلى أن المسألة أصبحت تتعلّق بتوقيت الاعتراف وليس بمبدأ الاعتراف ذاته.
في الموازاة، يواجه ستارمر تحدّياً داخلياً من الجناح اليساري في الحزب بعد إطلاق زعيم المعارضة جيريمي كوربين والنائبة زارا سلطانة حزباً جديداً، استقطب في غضون 3 أيام فقط نحو نصف مليون منتسب وفق تصريحات كوربين، ما يُنذر بإعادة تشكيل للخارطة السياسية داخل اليسار البريطاني.
وحذّر نواب من حزب العمّال في تصريحات لـ”التلغراف” من أن التباطؤ في الاعتراف بفلسطين قد يدفع المزيد من الناخبين نحو حزب كوربين الجديد، خصوصاً في ظل تنامي الغضب الشعبي من الموقف الحكومي تجاه الحرب على غزة.
وعلّق أحد النواب: “هناك ملايين الناخبين القلقين بشدة بشأن ما يحدث في غزة. إذا لم تتحرّك الحكومة بسرعة، فقد يكون الأوان قد فات لاستعادة ثقة هؤلاء”. فيما اعتبر نائب آخر أن “مشاهد الأطفال الجياع تُقوّض الإحساس البريطاني بالعدالة”، مضيفاً أن “التقاعس عن التضامن مع الفلسطينيين يؤثر بوضوح على نوايا التصويت”.
وفي تحذير واضح، ختم أحد نواب الصفوف الخلفية: “نعم، الناخبون يتّجهون بالفعل نحو حزب كوربين، وهذا يحدث الآن. الحكومة يجب أن تتحرّك بسرعة قبل أن يتفاقم الوضع”.