من سينقذ العالم من ضعف قادته؟

كنا نعتقد أن التاريخ القديم والحديث لم يشهد أسوأ من غالبية الطبقة السياسية التي شهدها لبنان منذ إقرار اتفاق الطائف حتى اليوم على مستوى هزالة الشخصية وانعدام الكفاءة وسوء التدبير والفساد المالي، حتى تفاجأنا منذ سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي وصولاً لليوم أن من يحكم العالم هم قيادات أكثر هزالة وسوء تدبير وفساد من الطبقة السياسية اللبنانية التي ظهرت وكأنها في صفوف الحضانة عندهم.
أكثر ما يؤلم أنه منذ تسعينيات القرن الماضي حتى اليوم بانت هزالة قيادة العالم في أداء قادة الدول الخمس الكبرى ومعهم الدول الغربية وجميعهم من مدعي الحضارة والتقدم والحفاظ على حقوق الإنسان حيث ظهروا للأسف أبعد ما يكونون عن هذه الصفات ويعانون من نقص حاد بالأخلاق الانسانية. فهؤلاء جميعهم يتصرفون وكأنهم يملكون سند ملكية باقي دول العالم بأراضيها وشعوبها وثرواتها وخيراتها الطبيعة والوطنية والقومية. ويعتبرون أنفسهم بأنه يحق لهم دون غيرهم تقرير مصيرها ورسم مستقبل وجودها وتحديد أي نظام يجب أن يديرها وأي رئيس يجب أن يحكمها وأي جغرافية مسموح أن يتواجدوا عليها، أما باقي تلك الجغرافية فيحق لها اقتطاعها والتصرف بها كما يشاؤون ويجب ألا يعترض أحد عليهم غير آبهين لا بسيادة تلك الدول ولا بحقوقها ولا بإنسانيتها ولا باحترام شعوبها حتى. وقد تجلى ذلك في الحرب المدمرة التي تشهدها أوكرانيا منذ العام 2021 والحرب القاتلة التي تشهدها غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023 إلى اليوم حيث سقط قادة الدول الخمس الكبرى ومعهم معظم الدول الغربية إلى أسفل الدرك الإنساني وتحولوا جميعهم إلى “شاهد ما شفشي حاجة” وصارت معهم المؤسسات الدولية مؤسسات من ورق لا قيمة فعلية لقراراتها ولأفعالها، لدرجة أن إعلامهم الذي من المفترض أن يكون الرقيب على تفاهة أدائهم لتصحيحه وهزالة شخصيتهم لتقويمها سقط معهم نحو تلك التفاهة وهذه الهزالة وصار خبر تلقي ماكرون صفعة من زوجته أمام باب طائرته الرئاسية أو شتم ترامب لصحافي في البيت الابيض أو مداعبة بوتين لكلبه في مكتبه في الكرملين أمام ضيوفه من رؤساء دول أو تعديل الرئيس الصيني الدستور لتأمين استمرار ولايته وبقائه في السلطة بقوة النفوذ، يتصدر عناوين مؤسساتهم الإعلامية المقرؤة والمتلفزة، أكثر من المجازر التي يرتكبها الاحتلال يومياً بحق الأطفال والنساء والعجائز في غزة، وما يرتكب من فظائع وقتل في أوكرانيا. وقمة هزالة الأداء الذي لا يمت بصلة لا إلى اللياقات الديبلوماسية بين الدول ولا إلى احترام الشعوب ما أعلنه توم براك مبعوث ترامب إلى سوريا ولبنان وسفير بلاده في إسطنبول من أن لبنان سيعود إلى سوريا في حال لم يتصرف كدولة وينزع سلاح “حزب الله”. وهو كلام يدل ليس على الاستخفاف بالشعوب وبسيادتها فحسب بل يدل كذلك على مستوى انحدار ممثلي قادة العالم إلى درك الهزالة بالأداء وقلة الكفاءة لأنهم على شكل من يمثلونهم في هذا المستوى.
هذا هو زمن “الحرب العالمية الثالثة” في ظل قوة الهزالة والانحطاط التي يعيشها العالم اليوم، والتي لا يضاهيها أي سلاح نووي فتاك أو أي تقنية عالية. فمن ينقذ العالم من هزالة قادته قبل أن يقوده هؤلاء إلى انفجار مدمر؟
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة “النهار” الإعلامية.