هجوم زاهدان: تداعيات فشل خطة الهجوم المتزامن مع الصراع في إسرائيل

هجوم زاهدان: تداعيات فشل خطة الهجوم المتزامن مع الصراع في إسرائيل

صباح السبت، هاجم منتمون إلى “جيش العدل” مبنى المحكمة في مدينة زاهدان، جنوب شرق إيران، ما أسفر عن مقتل عدد من المواطنين، من بينهم رضيع. وقد أعلنت الجماعة الانفصالية مسؤوليتها عن هذا العمل الإرهابي.
هذه الجماعة، التي تقوم من حين إلى آخر بهجمات على مواقع عسكرية وحكومية تقتل فيها أشخاصاً أبرياء، دون تحقيق أهداف واضحة، تُعلن عن وجودها من خلال هذه الأعمال. ويُقال إن قاعدتها تقع في المناطق الحدودية بين إيران وباكستان، وعلى الرغم من جهود البلدين لتطهير هذه المناطق من وجود الجماعة، فإن علاقاتها مع أجهزة استخبارات أجنبية، ولا سيما الموساد الإسرائيلي، وتلقيها الأموال والأسلحة، مكنتها من مواصلة عملياتها.
ووفقاً لمصدر أمني مطّلع، فإن العملية الأخيرة لـ”جيش العدل” تعود جذورها إلى فشل الجماعة في تنفيذ خطة كانت تسعى إلى تنفيذها بالتزامن مع حرب الأيام الـ12 التي شنّتها إسرائيل ضد إيران.
ويشير المصدر إلى أن الجماعة، التي كانت على علم بالهجوم الإسرائيلي بفضل علاقتها بالموساد، أعدّت نفسها منذ أسابيع لهجوم بري على مدينة تشابهار الواقعة في جنوب شرق إيران.
كان الهدف من الهجوم، الذي تزامن مع انشغال القوات المسلحة وأمن الحدود الإيرانية بالحرب مع إسرائيل، هو السيطرة على المراكز الأمنية والعسكرية في المدينة، بما يخلق أزمة أمنية خطيرة في المنطقة. وكانت هذه الخطة تتماشى تماماً مع الهدف الرئيسي لإسرائيل من الهجوم على إيران، وهو إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية.
لكن قبل أيام من تنفيذ هذه الخطة، قدمت الاستخبارات الباكستانية معلومتين مهمتين إلى الأجهزة الأمنية الإيرانية، الأولى تتعلق بالهجوم الإسرائيلي المحتمل على إيران، والثانية بخطة “جيش العدل” لمهاجمة تشابهار. وبناءً عليه، نفذت القوات العسكرية الإيرانية عملية مباغتة استهدفت مواقع الجماعة في المناطق الحدودية بين إيران وباكستان، باستخدام صواريخ وطائرات مسيّرة، ما حال دون تنفيذ مخططها.
ويبدو أن العمليتين الإرهابيتين اللتين نفذتهما الجماعة بعد حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران كانتا بمثابة رد فعل على فشل الخطة المذكورة. فقبل أسبوعين، هاجمت الجماعة سيارة شرطة في تشابهار، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر. أما في العملية الإرهابية التي وقعت السبت في زاهدان، فقُتل ستة أشخاص على الأقل وأُصيب 13 آخرون.
وقد أدان المولوي عبد الحميد، إمام جمعة أهل السنّة البارز في زاهدان، والذي ينتقد بعض سياسات حكومة الجمهورية الإسلامية، مراراً أعمال “جيش العدل”، بل تدخل شخصياً في وساطات لإطلاق سراح رهائن.
“جيش العدل” هي جماعة شبه عسكرية إرهابية تدّعي الدفاع عن سكان محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرق إيران، لكنها في الواقع تقوم بين الحين والآخر باغتيال عدد من سكان هذه المنطقة.
وبدأت الجماعة نشاطها بعد القضاء على جماعة “جند الله” الإرهابية التي كان يقودها عبد المالك ريغي عام 2012.
ويقود “جيش العدل”، الذي يطلق عليه الإيرانيون اسم “جيش الظلم”، عبد الرحيم ملازاده المعروف باسم صلاح الدين فاروقي. وقد أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن عدة تفجيرات واغتيالات في المناطق الشرقية من محافظة سيستان وبلوشستان.
تتكوّن الجماعة من ثلاثة فروع عسكرية تنشط في محيط الحدود بين إيران وباكستان، وتفرّ بعد كل عملية إلى الأراضي الباكستانية.
وقد نفذت قوات الحرس الثوري الإيراني، بالتنسيق مع إسلام آباد، عمليات عسكرية عدة داخل الأراضي الباكستانية ضد مواقع “جيش العدل”. وتعمل الفروع العسكرية تحت أسماء: عبد الملك ملازاده، والشيخ ضيائي، والمولوي نعمة الله توحيدي في المناطق الحدودية الوعرة بين البلدين.
كذلك، أنشأت الجماعة مؤخراً فرعاً استخباراتياً باسم زبير إسماعيل زهي، يركّز خاصة على تحديد شخصيات من أهل السنة الموالين للجمهورية الإسلامية واغتيالهم.
وتُعدّ محافظة سيستان وبلوشستان ثاني أكبر محافظة في إيران من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها نحو 180 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها نحو 3 ملايين نسمة. وتشترك المحافظة في حدود برية طويلة (نحو 1200 كيلومتر) مع كل من أفغانستان وباكستان. وعلى الرغم من أن أهل السنة والبلوش يشكلون الأغلبية في هذه المحافظة، فإن التعايش السلمي بين السيستانيين الشيعة والبلوش السنّة جعلها تُعرف في إيران بـ”عاصمة الوحدة”.
ويعود التخلف التنموي في هذه المحافظة إلى أسباب تاريخية وبيئية. وعلى الرغم من تنفيذ برامج تنموية متنوعة، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين تطلعات السكان والإمكانات المتاحة. وتستغل بعض الجماعات الإرهابية والانفصالية هذه الفجوة كذريعة لأعمالها، لكنّها لا تحظى بأي دعم شعبي، لأنها لا تساهم في تحسين أوضاع السكان.