معبد الدكوة: أسرار تتواجد بين النور والصخر

معبد الدكوة: أسرار تتواجد بين النور والصخر

يزخر البقاع بالمعابد الرومانية التي تتيح زيارتها فرصة التعرف إلى بلداته وقراه. ومن بين هذه المعابد معبد الدكوة الذي يتخذ اسمه من البلدة الصغيرة الوادعة في البقاع الغربي. 

 

يمكن الوصول إلى بلدة الدكوة، إما عن طريق معمل السكر في مجدل عنجر، التي تقابل مفرق بلدة عنجر، وإما عن طريق بلدة الخيارة في البقاع الغربي عبر مفترق بلدة المرج، إن كنت قادماً عن طريق شتورا – المصنع. مشوار ينقلك تدريجياً من مشهد مديني الى ريفي. توغلك باتجاه السهل، أشبه بإبرة ماكينة الدرز، ما بين طرفي سجادة من الحقول على الجانبين. 

 

 

معبد الدكوة (النهار)

 

لا توجد إشارات ولا لافتات تدل الى موقع البلدة ولا الى معبدها، فلا تتردوا في السؤال، هي طريقة للتواصل مع السكان، وفرصة للإستكشاف؛ اختاروا بسطة خضر وفاكهة، دكاناً أو فرن معجنات… وكونوا حشريين في الحديث والتذوق، فقد تستدلون إلى الفطائر الحرّة في مجدل عنجر والأكل البرازيلي في السلطان يعقوب التحتا، البلدتين المجاورتين للدكوة.

 

تقع بلدة الدكوة في سلسلة جبال لبنان الشرقية، وكأنها مخبأة في عبّه، والمعبد بدوره مخبأ في عبّها. متخفياً بين طوق من المنازل، إنه البناء الأخير في آخر البلدة.

 

 

 

تسلك أزقة ضيقة صعوداً، وتركن سيارتك بين المنازل المرحبة بالزوار، فتجد المعبد هناك، منتظراً من يزوره، ليبدأ بإخبارك عن حيوات مرت من هنا، درس في التواضع حول نشوء الحضارات وإندثارها. لكن عليك أولاً أن تمتلىء بسكينة المكان وبروحه، فلا تتردد في تلمس حجارتها، وفي تمرير أصابعك فوق ضربات الإزميل، لتشعر بمجهود ناحتها، فتلك الحجارة استودعت منذ غابر الزمان الأحاديث التي لهجت بها القلوب.

 

إن لم يكن برفقتك دليل متخصص للتعرف أكثر إلى المعبد، فسيكون من حظك إن كان وليام الغجر موجوداً في البلدة، مهندس ميكانيك الطيران الذي تحوّل إلى دليل وطني لشغفة بالتاريخ والآثار، بكل الأحوال سيلاقيك الفتى شربل أبو عنّة الشغوف بالمعبد جاره، يرافق كل الوفود مخزناً المعلومات من الأدلاء الذين يرافقونها، ويتبرع بها للزائرين.

 

 

 

يسهل الوصول إلى معبد الدكوة، من دون مجهود جسدي، لكن ينصح بأن تراقفوا شربل صعوداً في الجبل. رحلة التسلق قصيرة لكنها زلقة في بعض الاماكن تحتاج لأحذية مناسبة، وهي بالتأكيد تستحق المشقّة، للوصول إلى الكهوف المنحوتة يدوياً ومدافن من العهد الروماني بنووايسها الحجرية، تجربة مهيبة، لا يقلّ عنها مهابة، وإن يناقضها، مشهد سهل البقاع الذي ينفلش تحت قدميك كأنك تحلق مع الطيور، ولشربل مشاريع طموحة لهذا المطّل لا يبخل بها. 

 

أفضل الأوقات لزيارة الدكوة هي عند العصر، عندما تنكسر أشعة الشمس على قمم سلسلة جبال لبنان الغربية، فيتوهجّ المعبد كأنه من ذهب، وينبض السهل بالحياة.

 

 

لعبة الضوء هي واحدة من أركان المعبد عبر طاقتين متقابلتين شرقية وغربية بزخرفاتها الفريدة. 
معبد الدكوة يصلح أن يكون ضمن خريطة تشمل كل معابد المجاورة، فلا تترددوا.