في قلب الأشرفية: منزل سرسق الذي أصبح متحفاً ومركزاً ثقافياً

في قلب الأشرفية: منزل سرسق الذي أصبح متحفاً ومركزاً ثقافياً

بمجرّد أن تتخطى بوابة متحف سرسق في الأشرفية، ينتابك شعور بالرهبة والجمال معاً. فالفخامة التي تحيط بالمكان، من الهندسة المعمارية إلى التفاصيل الداخلية، تنقلك إلى زمن آخر… إلى عصر عزّ بيروت وألقها.

هذا البيت الذي يزيد عمره عن 113 عاماً، لم يكن مجرد مسكن، بل حكاية بحد ذاته. كل غرفة فيه تروي قصة، وكل زاوية تحمل بصمة زمن. في هذا المكان تحديداً التقيت السيدة كارول خياط فرحات، نائبة مدير المتحف، التي قدّمت لي لمحة غنية عن تاريخه العريق. قالت: “هذا البيت هو بيت نيكولا إبراهيم سرسق، شيّد عام 1912. وقبل وفاته، كتب وصية يقدّم فيها منزله هدية للشعب اللبناني ليُحوّل إلى متحف للفن الحديث والمعاصر.”

 

 

بيت سرسق(النهار)

 

ومنذ افتتاحه، أصبح المتحف بيتاً حقيقياً للفن، إذ يضم أكثر من 3000 عمل فني لفنانين لبنانيين بالدرجة الأولى، إضافة إلى بعض الأعمال لفنانين عرب وأجانب. والأجمل، أن قسماً كبيراً من الأسماء اللامعة في الفن اللبناني كانت بدايتها من هنا.

خلال الجولة، لفتتني لوحة مميزة عبارة عن بورتريه لنيكولا سرسق أنجزها الفنان العالمي كيس فان دونغان. هذه اللوحة تضرّرت جراء انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، وأُرسلت إلى مركز بومبيدو في باريس للترميم، لتعود اليوم معروضة وهي تحمل ندبة من جراح المدينة.

 

 

ومن أبرز المعروضات أيضاً، تمثال الشهداء الأول الذي كان قائماً سابقاً في ساحة الشهداء قبل استبدال الحالي به عام 1960. نُحت هذا التمثال عام 1930على يد الفنان يوسف الحويّك، وتم وهبه للمتحف في عام 1993، وهو اليوم يحتل مكانة بارزة ضمن مجموعة المتحف الدائمة.

هذا المتحف لا يقتصر على الأعمال الدائمة، بل يستضيف باستمرار معارض موقتة لفنانين لبنانيين وعالميين، ما يجعله مساحة حيّة ومتجددة تنبض بالحياة والفكر والإبداع.

 

 

 

كما انه يفتح  ابوابه للزوار من يوم الأربعاء إلى الأحد، من الساعة العاشرة صباحاً حتى السادسة مساءً، ويقع في شارع سرسق – الأشرفية.

زيارة متحف سرسق لم تكن تجربة عادية، بل كانت غوصاً في ذاكرة بيروت، ولقاءً حيًّا مع إرث ثقافي لا يزال ينبض رغم كل ما مرّ على هذه المدينة من ألم وتحوّل.