مغامرة لا تنسى في نهر العاصي… عندما تتدفق المياه وينطلق صدى ‘انطلق’

مغامرة لا تنسى في نهر العاصي… عندما تتدفق المياه وينطلق صدى ‘انطلق’

على وقع هدير المياه وصرخات الحماسة، تنطلق القوارب المطاطية في مجرى نهر العاصي في البقاع الشمالي، حاملة معها مغامرة لا تنسى لهواة التجديف وطلاب التجديد. إنها تجربة “الرافتينغ”، واحدة من أمتع النشاطات السياحية التي بدأت تستعيد ألقها في لبنان.

 

تبدأ الرحلة على ضفاف نهر العاصي في الهرمل، حيث يمهّد صوت الماء المتدفق لمغامرة مائية لا تشبه سواها، تجمعنا في نقطة الانطلاق، قبعاتنا محكمة، سترات النجاة مربوطة، والعدّ التنازلي بدأ. دقائق ويأخذ القارب مكانه على سطح الماء، وقلب كلّ مشارك يخفق، لا خوفاً بل حماسة لما ينتظره من مغامرة.

 

 

يأخذك النهر في مسارٍ تتعدد فيه المزاجات، وكأن الماء يمتلك شخصيته. في لحظات، يكون هادئاً كصلاة فجر بين الأشجار والصخور، فتسمع أنفاس الطبيعة وتتأمل انعكاس الجبال على سطحه. ثم، ومن دون إنذار، ينقلب المشهد: يعلو الماء، ويزداد التيار، وتُستدعى القوة والتركيز بين المجدفين. 

 

في تلك اللحظات بالذات، يعلو صوت القائد: “Go! Go!” الكلمة التي لا تنفك تردد، تصبح نبض القارب، وصوت الأمان وسط الجنون المائي. يتسابق المجدفون مع الموج، يتمايل القارب، ترتفع الصرخات، ويذوب الخوف في ضحكات جماعية تشهد على تحدٍ مشترك.

 

 

الرحلة ليست فقط مغامرة رياضية، بل دعوة مفتوحة إلى التعرف إلى جمال الطبيعة الهرملية من منظور مختلف. الجبال التي تحضن مجرى النهر، الطيور التي تحلق فوقنا، والرذاذ الذي يغمر الوجوه كلها تفاصيل تنسج ذاكرة لن تُنسى.

يرى القيّمون على هذه النشاطات أكثر من مغامرة، إنها هوية سياحية حيث بات الرافتينغ مقصداً سياحياً متكاملاً يجذب الزوار من لبنان والخارج. بعضهم يأتي كمجموعات شبابية، وآخرون عائلات تبحث عن تجربة ترفيهية حقيقية في قلب الطبيعة. وقد ساهم هذا النشاط بتنشيط الحركة الاقتصادية في القرى المجاورة، حيث تنتشر المطاعم، بيوت الضيافة، والحرفيون المحليون.
الرافتينغ يحرك العجلة

 

 

أحد أصحاب المقاهي والنوادي النهرية على ضفاف نهر العاصي محمد محفوظ قال لـ ” النهار”: “الرافتينغ يحرك الحركة الاقتصادية على نهر العاصي والمطاعم. تقريباً 90 إلى 95 في المئة من عملنا اليوم يعتمد على النشاطات السياحية، وعلى رأسها الرافتينغ. عندنا مقاه ونواد  تقدّم نشاطات متنوعة، مثل الـ Zip Line، وحتى الفروسية، وكلها تؤثر بشكل إيجابي”.
وأضاف: “الحمد لله منطقتنا آمنة، لا مشاكل ولا حرب، وكل الإشاعات التي تطلق  من وقت إلى آخر غير صحيحة، ووسائل الإعلام تظهر الحقيقة”. 

 

 

يصف تجربة الرافتينغ بأنها “لعبة مائية حماسية تجعل الزوار يختبرون مراحل عدة: من التجديف بين الأشجار، إلى مرور الشلالات، إلى مناطق السباحة، كل نادٍ بيقدم تجربة مختلفة بحسب قدرته وخدماته، لكن الجو العام بيبقى رائعاً والتجربة لا تنتسى”.

رحلة الرافتينغ في لبنان ليست مغامرة فقط، بل فرصة للهروب من ضغوط المدينة، ولعناق النهر كما لم تفعل من قبل. إنها تجربة تعاش بالقلب والضحك والماء.

هي دعوة مفتوحة لعشاق الحياة، فهل تجرؤ على خوضها؟