بيروت: وجهة عالمية لليالي الممتعة… غروب وحفلات وأكثر

في لبنان، لا ينتهي النهار عند الغروب، بل يبدأ فصلٌ آخر من الحكاية. من المقاهي الجبلية التي تحتفي بألوان المغيب، إلى الحانات الساحلية التي تُطلق موسيقى الليل مع أول نجمة. تكتمل التجربة اللبنانية بمشهد الغروب وحفلات السهر وشروق الشمس. إنها ظاهرة ثقافية وسياحية لا تشبه سواها، حيث يتحوّل الجبل إلى منصة مشاهدة، والساحل إلى مسرح مفتوح، وتتحوّل بيروت إلى وجهة عالمية لعشّاق الحياة الليلية.
كفردبيان (النهار)
بيروت وجهة سهر عالمية رغم ما مرّ ويمرّ به لبنان. للسهر في بيروت نكهة خاصة. تجد فيها كل أنواع السهرات العربية والغربية، الخفيفة التي يجتمع فيها الناس على كأس مشروب، أو الاحتفالية القائمة على برنامج موسيقي وترفيهي يمتدّ حتى ساعات الفجر الأولى.
الأمر لا ينتهي هنا، فبيروت لا تنام. نعم لا تنام. تستكمل سهراتها في سهرات شروق الشمس، التي باتت تحظى بشعبية واسعة لا تقلّ عن أيّ سهرة ليلية.
إحدى السهرات “الترند” التي تغزو لبنان، هي السهرات التي “يولّعها” DJ أجنبي. ظاهرة وجدت طريقها إلى ليالي بيروت، خصوصاً لدى الجيل الشاب Gen Z.
يلتزم أحد الملاهي المعروفة في بيروت نمطاً غربياً من السهر مستقدماً DJs دوليين ومحليين يلعبون الموسيقى في السهرات، فـ”الناس يرغبون دائماً في عيش تجارب جديدة، وهذا الاتجاه هو اتجاه حديث في عالم السهر عالمياً حتى”، هذا ما يؤكده سليم غانم صاحب الملهى لـ”النهار”.
لطالما كانت السهرات في لبنان تقوم على الـDJ، كجوّ في السهرة لا كبرنامج موقّع باسم الـDJ. لكن الاتجاه بالشكل الذي نراه اليوم، هو اتجاه جديد نتج من زيادة المنافسة بين أماكن السهر العديدة، وفق غانم. وأصبحت هذه المؤسسات تعتمد على “دي جي” بارع يتمتع بشعبية واسعة لجذب الزبائن.
ملهاه يعرف رواجاً واسعاً في الأجواء الليلية الغربية في المدينة، لناحية التجربة الفريدة التي يوفّرها، إلى جانب تنويع برامج الليالي لديه. ويواكب غانم أذواق الناس التي تتغيّر، “إن كان الناس يرغبون في أجواء أغاني الثمانينيات مثلاً أو أجواء الأغاني الفرنسية… أمّا اليوم، فيميلون إلى موسيقى الهاوس الأفريقية مثلاً”. لذا، يرى غانم ضرورة تنويع أجواء الموسيقى لديه وتخصيص كل ليلة بسهرة موسيقية من اتجاه موسيقي أو ذوق معيّن. وأدرج يوماً في الأسبوع حتى للموسيقى العربية، وآخر للبوب Reggaeton، وللـCommercial.
“بداية موسم الصيف لعام 2025 كانت جيّدة، وقد شهدنا حضور جنسيات عربية، ولا سيما منها خليجية إلى جانب مغتربين لبنانيين. الحجوزات تمتلئ حالياً الى ما بعد شهر، خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع”، يقول غانم. حتى في أيام الأسبوع، الحجوزات تصل إلى 60 في المئة.
الترفيه
السهر على وقع الأنغام العربية هنا هو احتفال. وقد برزت معالم السهرات هذه في برامج سهرات حافلة في ملاهٍ مفتوحة خُصّصت لهذا النوع من السهرات في واجهة بيروت البحرية بشكل لافت. وباتت علامة فارقة في السهر في بيروت.
تتميّز هذه الأماكن ببرامج سهرات حديثة في عالم السهر في الخارج، لاقت رواجاً كبيراً في لبنان. لم يعد يقتصر السهر على مغنٍّ أو DJ يلعب الموسيقى. السهرات أشبه بمهرجانات واحتفالات تتخلّلها عروض راقصة وغنائية بأشكال متعددة إلى جانب الألعاب النارية في سماء بيروت.
نجوم من الصف الأول والثاني يغنون في هذه الملاهي الليلية. ولكل سهرة برنامج ويوم محدَّد في الأسبوع تحت أسماء علقت في أذهان رواد السهر. نتحدث هنا عن أجواء ترفيهية وليست غنائية أو راقصة فحسب، كعروض بهلوانية من فرق أجنبية. وربما كان هذا عاملاً من العوامل التي تجعل من السهر في بيروت تجربة مختلفة.
كريم محمدية، صاحب شركة 7Management، الرائدة في عالم الحياة الليلية، يشرح لـ”النهار” أنّ فكرة الـproper club أي الملهى الليلي القائم فقط على موسيقى DJ، تراجعت عالمياً، حتى في أهم وجهات السهر العالمية، لمصلحة الملاهي التي تقدّم العروض الترفيهية.
أدخلت الشركة هذا النوع من السهرات مع التعديل عليها بشكل يتناسب مع الذوق اللبناني. وعزّز هذا النوع من السهرات، برأي محمدية، من مكانة بيروت كوجهة سهر ليلية على مستوى العالم العربي، و”نحن كلبنانيين دائماً ما نترك بصمة، خصوصاً في عالم السياحة، واستطعنا أن ندرج ترندات في سهراتنا صارت عالمية”.
وفي رأي محمدية، “لا تزال بيروت تؤثر في كثير من وجهات السهر حتى العالمية منها، في ما يتعلق بالابتكارات والتجديد في هذا العالم”، بدليل أنّ الشركة وسّعت أعمالها في دول غير لبنان في العالم العربي وأوروبا.
وبحسب محمدية، “السيّاح اشتاقوا إلى لبنان بعد غيبة طويلة، لا تزال بيروت وجهة سياحية عالمية للسهر رغم كل الأزمات التي مرّت وتمرّ بها، وهي في أذهان الناس حتى ممّن لم يزوروها، وهذا ما نسمعه من أشخاص غربيين يتوقون لزيارة لبنان”.
وشهدت الملاهي اللبنانية كثافة حجوزات من سيّاح، لا سيما الخليجيين منهم خلال مدة قياسية في فترة عيد الأضحى الفائت.
ما يميّز بيروت عن باقي وجهات السياحة والسهر هو “الروح”، بحسب محمدية. في لبنان يشعر السائح بأنّه بين أهله، وهذا نتيجة روح الشعب اللبناني الذي يبثها في بلده والأماكن التي يوجد فيها، من استقبال حارّ وجوّ مليء بالألفة. فبلدنا عريق وشعبه مرح يحبّ الحياة، وهذا كله ينعكس على زوّاره.
شروق شمس ساهر
غالباً ما تُشير فعاليات شروق الشمس الموسيقية في بيروت إلى مشهد الحياة الليلية النابض بالحياة في المدينة، وخاصةً الحفلات التي تمتدّ حتى ساعات الصباح الباكر، وأحياناً حتى شروق الشمس. يُقدم شروق الشمس في بيروت تجربة موسيقية جديدة وفريدة من نوعها، بمشاركة أفضل منسّقي موسيقى التكنو والديب هاوس.
هذه السهرات هي حصراً للأجواء الغربية. تفتح أبواب هذه الملاهي عند العاشرة مساءً، بموسيقى خفيفة. تبدأ الأجواء الصاخبة عند الثانية فجراً وتبقى الأجواء “ولعانة” حتى السابعة أو الثامنة صباحاً. بدأت هذه الظاهرة تنتشر في مناطق عدة في الأماكن المفتوحة، وخصوصاً في واجهة بيروت البحرية، حيث تُقام كُبرى هذه الحفلات، للتمكن من تجربة السهر مع شروق الشمس. وتتسم موسيقى هذه السهرات بالتكنو والـDeep house، بالتعاون مع DJs مشهورين. على سبيل المثال، تزامناً مع اقتراب موعد حفل شروق شمس ضخم في بيروت في آخر الشهر الجاري، مع DJs عالميين، تهافت الجيل الشاب على حجز تذاكرهم فيه قبل أشهر من موعده.