مهرجانات لبنان: إبداع وحيوية ومرح… وثمرات

مهرجانات لبنان: إبداع وحيوية ومرح… وثمرات

لا يقتصر ارتفاع الحرارة في صيف لبنان على حال الطقس فحسب، بل على منسوب الحياة أيضاً في شتى سبل الفن والثقافة والترفيه، والفاكهة حتى. وكل ما هو جميل، تقريباً.

في هذا “البلد الشقيّ”، كل شيء يدعو إلى الاحتفال وإقامة المهرجانات.
يمكن ابتياع التذاكر وانتظار مواعيد الفعاليات الضخمة منها لحضور أبرز النجوم من العالمين العربي والغربي في المدن الرئيسية، أو الحضور بشكل شبه مجاني في مناسبات القرى النائية، كما يمكن للمارة في نزهة عادية على أرصفة أحد شوارع المناطق، أن يجدوا أنفسهم داخل مهرجان متكامل، على غرار ما يحصل في الحمراء أو الجميزة أو عين الرمانة أو البترون وغيرها.

 

مهرجانات بعلبك (حسام شبارو)

 

يشهد لبنان موسماً صيفياً حافلاً بالمهرجانات الفنية التي يحييها نجوم من مختلف أنحاء العالم العربي في عودة لافتة إلى بلاد الأرز، رغم الأزمات المحيطة بالبلاد. وقدّمت العاصمة “غراند أوبينينع” مؤثراً على خشبة مسرح الواجهة البحرية، بافتتاح أحيته ماجدة الرومي بعنوان “بيروت ست الدنيا”، وتلاه حفل فرقة God Save the Queen، مع ترقب حفلات مقبلة تمر بآدم وفرقة “أدونيس” والشامي وجوزف عطية وتنتهي مع إليسا.
وخاضت “مهرجانات بيت الدين” في جبال البلاد، افتتاحاً مميزاً، بأمسية “ديوانية حب” أحيتها كلّ من جاهدة وهبة ولبانة القنطار وريهام عبد الحكيم، في تحيّة خاصة للسيدة فيروز، دفعت في مشهد غير اعتيادي في الشرق الأوسط، وزراء إلى الغناء والرقص بعفوية على المسرح العريق.
ويكمل قطار المهرجانات الفنية الضخمة مع “مهرجان إهدنيات” من 17 تمّوز (يوليو) الجاري حتى 3 آب (أغسطس) المقبل في سبع ليال ساحرة، يشارك فيها كاظم الساهر وغي مانوكيان وعبير نعمة وآخرون.
وتنطلق “مهرجانات الأرز الدوليّة” بعنوان “رجعنا يا لبنان” في 19 تموز/يوليو مع فرقة “مياس” صاحبة البصمة العالمية، فيما يُحيي وائل كفوري أمسيةً في 26 من الجاري، لتُختتم مع الـ”دي جي بلاك كوفي” في 30 منه.
وبالاتجاه شمال شرق العاصمة، بدأت ورش العمل على الأرض في القلعة التي أصابت أسوارها صواريخ القصف الإسرائيلي على لبنان في العدوان الأخير، تمهيداً لانطلاق “مهرجانات بعلبك الدولية” في 25 تموز ، فتستضيف أقدم مهرجان عربي (1955)، أوبرا “كارمن” لجورج بيزيه برؤية فنية مختلفة في الافتتاح، ثم هبة طوجي في ليلة موسيقية من توقيع أسامة الرحباني.
ولقلعة جبيل أيضاً نصيبها، إذ تستضيف مدينتها “مهرجانات بيبلوس الدولية اللبنانية” بين 5 و10 آب بحفلات لغي مانوكيان ومنسّق الموسيقى البلجيكي فيليكس دو ليت والفرنسي من أصل جزائري Slimane والأميركية من أصول فرنسية Naïka.
ولا بد من ذكر حفلات استثنائية وضخمة خارج المهرجانات في آب على مسرح Forum De Beirut على الواجهة البحرية للعاصمة، من إحياء تامر حسني وأصالة ووائل كفوري، وفي حفل مشترك هيفاء وهبي ومحمد رمضان الذي علّق قائلاً: “بيروت استعدي للجنون”.
وتتسع مشهدية المهرجانات الفنية لفعاليات أخرى تمت فعلاً أو تنتظر موعدها، على غرار “مهرجان زغرتا” و”بلاط جبيل” و”عيد الموسيقى” و”مهرجان الكوميديا” وAegis Festival و”بكرزاي بالموسيقى” و”زحلة Upside Down” و”مهرجان البترون الدولي” و”De Vin Et De Musique – سمار جبيل” و”مهرجان التانغو”، وCabriolet Film Festival.

مهرجانات الفاكهة والطعام والشراب
ومن جهة أخرى، لعل أبرز ما يميّز المهرجانات اللبنانية، أنها لا تقتصر على الغناء والرقص والموسيقى فحسب، بل تسير في مذاهب أكثر ابتكاراً و”شخصيةً”، لا سيما المحلية منها، والقروية بشكل أكثر تحديداً، إذ تعتمد حرفياً على “نكهتها” الخاصة من إنتاجاتها المميزة. هنا الفاكهة لها مواسمها الاحتفالية، مثل “مهرجان الكرز” في حمانا، و”مهرجان العسل” في ميفوق، و”مهرجان الدراق” في بكفيا، و”مهرجان المشمش” في الهرمل، و”مهرجان التفاح” في بقاع كفرا، و”مهرجان التين” في المشرفة، و”مهرجان البيرة” في البترون”، و”مهرجان سوق الأكل” إلى جانب “مهرجان النبيذ” في جبيل، ومهرجانات كروم الشمس في مغدوشة. وبالإضافة إلى المأكولات تشتهر مناطق أخرى بمنتجات أخرى، لا سيما منها اليدوية، التي تحتفل بها، على غرار “مهرجان ضهور الشوير” و”مهرجان دير الحرف”. 

 

وتُقدّم هذه المهرجانات مزايا عديدة، منها تعزيز عادات الأكل الصحية، ودعم الاقتصادات والمزارعين المحليين، وترسيخ روح الانتماء المجتمعي والإثراء الثقافي مع المتعة والترفيه، من خلال تجربة ممتعة وتفاعلية للحضور من سياح ومواطنين.