تطبيقات التعارف تعتمد على الذكاء الاصطناعي بينما جيل Z يفضل البساطة والعفوية.

تطبيقات التعارف تعتمد على الذكاء الاصطناعي بينما جيل Z يفضل البساطة والعفوية.

تسابق شركات المواعدة الرقمية لاستعادة جيل زد (Z)  بعد موجة “إرهاق المواعدة”. ووفق Sensor Tower، ارتفعت نسبة الشباب في Tinder  إلى 21%، وقفز عدد مستخدمي Hinge  النشطين شهرياً إلى أكثر من 11 مليوناً في 2025، يشكّل جيل زد 56% منهم. هذا النمو جاء نتيجة استراتيجيات جديدة مثل “المواعيد المزدوجة” في Tinder، واعتماد Breeze  اللقاءات المباشرة ما ضاعف مستخدميه إلى 200 ألف، إضافة إلى سياسة “الحدود التفاعلية” في Hinge  التي حسّنت المحادثات بنسبة 20%. كما دخل الذكاء الاصطناعي على الخط عبر أداة AI Wingman  في Grindr لتحليل التوافق بين المستخدمين.

 

الكيمياء الإنسانية لا تُختزل في بيانات

الباحثة سارة الصرايرة، المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وعضو IEEE، تؤكد أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع محاكاة الجوهر الإنساني للتعارف. تقول لـ”النهار”:

 

“الذكاء الاصطناعي يستطيع تحليل أنماط التفاعل والسلوك ويحدد التوافق بدقة نوعاً ما عالية – مثل تفضيلات المستخدم، أسلوب المحادثة، سرعة الاستجابة، وحتى أوقات التفاعل. أدوات مثل AI Wingman تُعد نموذجاً ناشئاً لهذه القدرة، فهي تعتمد على نماذج لغوية مدربة ومؤشرات سلوكية لتقييم مدى ملاءمة الطرفين قبل بدء التفاعل.

 

لكن الكيمياء الإنسانية تظل مفهوماً معقداً ومتعدد البعد، يتضمن التفاعل العاطفي، الاستجابة غير اللفظية، والتأثير الحسي اللحظي، وهذه جميعها لا يمكن استنتاجها من بيانات رقمية. الذكاء الاصطناعي لا يقيس الانجذاب المتبادل أو الديناميكية الشعورية الفورية كما تحدث في اللقاء الواقعي.

 

ومع أن هذه الأدوات تقلل من حالات عدم التوافق وتحسن التوصيات، إلا أنها قد تؤثر سلباً على العفوية الطبيعية للتعارف، لأن كل تفاعل يصبح محكوماً بتقييمات مسبقة واحتمالات محسوبة.”

 

 

 

التوازن بين الأمان والطابع البشري

وترى الصرايرة أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يبقى أداة داعمة، لا بديلًا من التفاعل الإنساني:

 

“يتطلب تحقيق التوازن إعادة تعريف دوره من كونه واجهة تفاعلية إلى كونه أداة تعمل على تحسين التواصل البشري. يجب أن يُستخدم كـcontext-aware agent لتحسين المطابقة واكتشاف السلوكيات الضارة وتوفير بيئة مخصصة، من دون أن يتحكم بالمحادثة.

 

تطبيقات مثل Breeze أعادت جزءاً من طبيعة التواصل الواقعي بتقليل الاعتماد على الدردشة النصية، بينما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمان من خلال التحقق من الهوية وتحليل الحسابات المشبوهة. إذا دُربت خوارزميات التوصية أخلاقياً وشفافاً، يمكنها تقديم تجربة hyper-personalized تحترم الخصوصية وتعزز واقعية التعارف، شرط ألا تطغى على صوت الإنسان.”

 

حل لإرهاق المواعدة وعلاقات أكثر استقراراً

وتضيف الصرايرة: “الذكاء الاصطناعي، إذا صُمم وفق منهج متمركز حول الإنسان، فيمكن أن يكون حلًا لإرهاق المواعدة. تقنيات التصفية الذكية والتعلم المعزز تقلل الحمل الإدراكي على المستخدم وتقدم خيارات عالية الجودة تقود إلى لقاءات فعلية.

 

كذلك تستطيع الخوارزميات، عبر نماذج توصية قائمة على الرسوم البيانية، تحليل الروابط العاطفية التي قادت الى علاقات ناجحة وتكرارها. ويمكن لأنظمة مكافآت ذكية تقليل الإدمان وتشجيع الاستمرار مع شريك واحد أو حذف التطبيق بعد نجاح العلاقة. كذلك، باستخدام تقنيات مثل unsupervised clustering، يمكن تصنيف المستخدمين وفق أنماط تعارفهم وتقديم تجارب مختلفة تراعي خصوصية الجيل زد وحاجاته الفردية.”

 

وتختم الصرايرة تحذيرها بقولها: “أكبر ثورة يمكن أن نقودها اليوم هي أن نبقى بشراً في جوهرنا. لا خوارزمية تستطيع محاكاة الدهشة التي تولدها فكرة جديدة أو الشعور الصادق الذي يولد في لحظة عفوية.”