اجتماع طهران – الأوروبي في إسطنبول: الترويكا تمتلك ‘الزناد’ وطهران تشير إلى تجربة كوريا الشمالية

حددت إيران والترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الخطوط الرئيسية لجدول أعمال الاجتماع الذي سيعقد اليوم في إسطنبول على مستوى نواب وزراء الخارجية. ويذهب الجانبان إلى اللقاء الأول بعد الضربات التي تعرضت لها المنشآت النووية الإيرانية من إسرائيل وأميركا في حزيران/يونيو بمواقف متباعدة، ما يقلل احتمالات حدوث اختراق.
وبما أن فرنسا وبريطانيا وألمانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، فهي تملك حق الطلب من مجلس الأمن، قبل أن تنتهي مفاعيل هذا الاتفاق في تشرين الأول/أكتوبر، إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران بذريعة انتهاك إيران لالتزاماتها الواردة في الاتفاق، وفي مقدّمها رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المئة، بينما يحدد الاتفاق هذه النسبة بـ3.67 في المئة، فضلاً عن تعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدم تقديم إجابات عن تساؤلات الوكالة بشأن بالعثور على آثار نشاطات عام 2003، تضفي شكوكاً على سلمية البرنامج النووي الإيراني.
غاية الأوروبيين من اجتماع إسطنبول، اقناع إيران باستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة توصلاً إلى اتفاق نووي جديد، وإفساح المجال أمام المفتشين الأمميين للعودة إلى ممارسة مهامهم. ولا تخفي الترويكا الأوروبية نيتها في الذهاب إلى مجلس الأمن لتفعيل “آلية الزناد” (سناب باك)، المتعلقة بإعادة فرض العقوبات الدولية بحلول نهاية آب/ أغسطس.
أما إيران، فقد أعلن نائب وزير خارجيتها كاظم غريب آبادي الذي سيمثّل بلاده في إسطنبول اليوم، أن طهران سترد على تفعيل العقوبات، بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، وتتخلى عن سياسة “ضبط النفس” التي اعتمدتها حتى الآن.
الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، سيُعدّ خطوة تصعيدية كبيرة من جانب إيران. ومنذ دخلت هذه المعاهدة حيز التنفيذ عام 1970، انسحبت منها دولة واحدة هي كوريا الشمالية عام 2003، على خلفية القلق من احتمال توجيه الولايات المتحدة ضربة استباقية لمنشآتها النووية، ومن ثم مضت في برنامج سري أفضى إلى إجراء تجربتها النووية الأولى عام 2006.
جدير بالذكر، أن إيران سبق أن هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، في حال تعرضت منشآتها النووية لضربات إسرائيلية أو أميركية. لكن الحكومة الإيرانية، اكتفت بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية بتعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكأنها لا تريد إغلاق نافذة الديبلوماسية بالكامل.
وفي مسعى واضح لإبداء نوع من الإيجابية على المواقف الإيرانية عشية اجتماع إسطنبول، كشف غريب آبادي عن السماح لوفد فني تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة إيران “خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع”، لمناقشة “الترتيبات الجديدة” للعلاقات بين إيران والوكالة عقب الضربات الأميركية والإسرائيلية.
بيد أن إيران اكتفت هنا بنصف خطوة فقط، لأن الوفد الفني لن يسمح له بزيارة المنشآت النووية التي تعرضت للقصف الإسرائيلي والأميركي، في وقت تختلف التقويمات لمدى الأضرار التي لحقت بها.
واستبقت إيران اجتماع إسطنبول بمباحثات ثلاثية مع روسيا والصين في طهران الأربعاء، على أن تعاود هذه المباحثات في الأسابيع المقبلة. وبالتزامن، أعلنت إيران عن بدء مناورات بحرية مشتركة مع روسيا في بحر قزوين. وحذرت القوات الإيرانية مدمّرة أميركية في خليج عُمان من الاقتراب من المياه التي تجوبها القطع العسكرية التابعة لطهران، فيما تحدّث مسؤول في البنتاغون عن واقعة “آمنة ومهنية”، لم تؤثر على مهمة السفينة.
وفي المقابل، تحاول إسرائيل التأثير على اجتماع إسطنبول، من طريق عدم استبعاد وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الأربعاء، تجدد الحملة العسكرية على إيران.
في هذه المناخات المشحونة بالتوتر، ينعقد اجتماع إسطنبول بحثاً عن مخرج يعيد بث الحياة في المسارات الديبلوماسية، وتجنّب المزيد من السيناريوات الكارثية.