أوروبا: الأمل النهائي لعودة إيران إلى الساحة الدولية؟

“ربما كنا نتحدث إلى الأشخاص الخطأ”.
كان هذا موقف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تعليقاً على مفاوضات بلاده المتعثرة مع الأوروبيين في بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب. كان الإيرانيون مهتمين أولاً وأخيراً بالحديث مع واشنطن.
لكن الحرب الإسرائيلية المدعومة أميركياً على برنامجهم النووي دفعتهم على ما يبدو إلى مراجعة حساباتهم بشأن الأوروبيين.
رافعة
يلتقي اليوم في اسطنبول ممثلون عن إيران ومجموعة الدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) لدراسة سبل إنقاذ الديبلوماسية حول برنامج إيران النووي. يُحتمل أن يكون على جدول الأعمال تمديد المهلة الزمنية لإطلاق “آلية الزناد” والتي تضمن للأوروبيين إعادة فرض العقوبات لو وجدوا أن إيران تنتهك “بشكل ملحوظ” التزاماتها في اتفاق 2015 النووي. ونص الاتفاق الذي خرجت منه أميركا سنة 2018 على سقوط الآلية في 18 تشرين الأول/أكتوبر سنة 2025.
يأتي ذلك في وقت ذكرت “جيروزاليم بوست” أن ترامب “لن يتوسل” أو “يحاول إقناع” الإيرانيين للعودة إلى التفاوض. كذلك، هدد ترامب الاثنين بمعاودة قصف البرنامج إذا عاودوا التخصيب. وهذه رافعة إضافية للأوروبيين الذين لوحوا بفرض العقوبات الأممية بحلول نهاية آب/أغسطس إذا رفضت إيران التفاوض. وفي نيويورك، هدد نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي الأربعاء بإمكانية خروج بلاده من معاهدة حظر الانتشار. من جهته، شدد عراقجي الاثنين على أن بلاده لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم.
إيران… بين النبرة والقوة
أوراق التفاوض الإيرانية باتت قليلة. لكن ذلك قد لا يغير لهجتها. قال عراقجي إن نهج بلاده في المفاوضات “أقوى من قبل”. بالتالي، من الطبيعي أن تتوقع الدول الثلاث موقفاً إيرانياً متصلباً الجمعة. فالأوروبيون كانوا إما صامتين أو مؤيدين للحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث قال المستشار الألماني فريدريتش ميرتس مثلاً إن إسرائيل “تقوم بالعمل القذر بالنيابة عنا”. لكن الإيرانيين يحتاجون إلى الأوروبيين لأنهم قد يكونون القناة الوحيدة المتوفرة لإقناع ترامب بإبرام اتفاق جديد. على الأقل، ستمثل مجموعة الثلاث صوتاً موازناً في واشنطن للصوت الإسرائيلي أو الصوت الأميركي المتشدد والمؤيد لاستئناف الضربات.
عراقجي خلال اجتماع وزاري لمنظمة التعاون الإسلامي الشهر الماضي (أ ب)
لذلك، إن خوف إيران الأكبر من إطلاق “آلية الزناد” لا ينبع من عودة العقوبات الأممية، بما أن العقوبات الأميركية ستظل تمثل الثقل الأكبر من أي إجراءات مستقبلية، بل من تداعيات إعادة إيران إلى عزلة دولية أكبر شبيهة بتلك التي سبقت سنة إبرام الاتفاق.
خط متماهٍ أو مستقل؟
ترى إيلّي جيرانمايه من “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” أن تمديد الموعد النهائي لآلية الزناد نحو عام، ولمرة واحدة، سيكون معقولاً ويعطي متنفساً للديبلوماسية الأميركية مع طهران، مقابل قبول الأخيرة بعودة الرقابة الأممية على برنامجها والتي توقفت بعد الحرب. مع ذلك، هي استبعدت قبول إيران بتصدير مخزوناتها من اليورانيوم المخصّب، لأن ذلك يفقدها إحدى أوراقها الاستراتيجية القليلة.
من جهته، اعتبر المحاضر البارز في كلية الخدمة الدولية بالجامعة الأميركية غاريت مارتن أنه يصعب على أوروبا تحديد مسار تفاوضي خاص بها ومستقل عن الولايات المتحدة، لأنها لا تريد إغضاب ترامب.
مع ذلك، قد لا تحتاج أوروبا إلى مسار مستقل، بعدما دعمت إيران روسيا بالسلاح والمسيّرات في أوكرانيا، حيث تدور رحى أول نزاع على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
إذاً، يدخل الأوروبيون المفاوضات مع إيران من موقف قوي. السؤال هو كيف سيترجمون هذا الموقف على طاولة التفاوض.