تشتت صفوف المعارضة التونسية قبيل ذكرى 25 يوليو

في وقت تبلغ فيه الأحداث الاستثنائية لـ25 تموز/ يوليو عامها الرابع، تقف المعارضة التونسية منقسمة عشية هذا الحدث الهام الذي غيّر مسار البلاد.
وعجزت المعارضة التونسية عن تنظيم تحركات احتجاجية مشتركة تشارك فيها جميع الحساسيات السياسية على اختلاف توجهاتها الأيديولوجية والفكرية.
وكانت قوى المعارضة الرئيسية قد دعت إلى تحركات واحتجاجات متزامنة في اليوم ذاته، لكن في أماكن وأوقات منفصلة.
حرب البيانات
وقبيل ساعات من التحركات الاحتجاجية التي كانت المعارضة تحشد لها منذ أسابيع تنديداً بالوضع السياسي في البلاد، برزت الخلافات في صفوفها، إذ أصدرت أحزاب وتكتلات سياسية بيانات، الثلاثاء، تعلن فيها انسحابها منها، في خطوة طرحت العديد من التساؤلات بشأن حالة الإرباك والانقسام التي تعانيها.
وأعلنت “جبهة الخلاص” المعارضة، التي تضم حركة “النهضة” الإسلامية، تأجيل المسيرة التي دعت إليها، مشيرة في بيانها إلى أن هذا القرار يأتي على إثر فشل جهود التنسيق الرامية إلى تنظيم تحرك مشترك للقوى السياسية والمدنية، “رغم ما قدمته من تنازلات لإنجاح هذه الجهود”.
كذلك، نفى الاتحاد العام التونسي للشغل صلته بأي تحرك احتجاجي يوم 25 تموز/يوليو، وقال في بيانه إنه “ليس على علم بهذه الدعوات”، وشدد على أنه “ليس معنيّاً بالمشاركة فيها”.
بدورها، أعلنت الشبكة التونسية للحقوق والحريات (تكتل جمعيات ومنظمات وأحزاب) تأجيل التحرك الاحتجاجي الذي كان مبرمجاً من أجل “مزيد من التنسيق مع المكونات الديموقراطية والتقدمية”، وفق بيانها.
فشل كل المبادرات التوحيدية
ورغم كونها تشترك في رفض سياسات الرئيس قيس سعيّد، إلا أن المعارضة التونسية عجزت طيلة السنوات الأربع الماضية عن توحيد صفوفها، فقد فشلت كل الدعوات والمبادرات في هذا الصدد.
وتُبرّر المعارضة فشلها باختلاف رؤاها وتوجهاتها.
ويتمسك شقّ من المعارضة الديموقراطية العلمانية برفض العمل مع الإسلاميين وحلفائهم، أو ما يُعرف بـ”منظومة 24 يوليو”، فيما يرى شقّ آخر أن اللحظة الحالية تفرض على الجميع ضرورة وضع خلافاته الأيديولوجية جانباً.
انقسام قديم
لكن انقسام المعارضة لا يبدو مفاجئاً لعدد من المتابعين للمشهد السياسي في تونس، ممن يرون أن “الاتفاق على معارضة السلطة لا يكفي وحده لتجميع فعاليات متنافرة منذ عقود طويلة”.
ويرى المحلل السياسي صبري الزغيدي، في تصريح لـ”النهار”، أن هذا “النفور بين المعارضات” كان متوقعاً أن يظهر إلى العلن، معتبراً أن “هذا التوافق لا يمكن أن يحجب بأي حال من الأحوال الخلاف حيال مسائل جوهرية بينها، يصل إلى حد التصادم”.
ويشير إلى عدم القيام بتقييم جدي لنظام الحكم السابق، مقابل عدم التوافق على موقف موحد من النظام الحالي، وغياب بديل ديموقراطي له.
فيما يقول المحلل السياسي هشام الحاجي، في تصريح لـ”النهار”، إن تشتت المعارضة في تونس ليس وليد اللحظة، موضحاً أنها حالة تعيشها منذ فترة حكم بورقيبة، إذ “دائماً ما وقع تغليب الاعتبارات الأيديولوجية على الاعتبارات البراغماتية العملية”، وفق قوله.
خدمة للسلطة
وفي مقابل ضعفها، تبدو السلطة أكبر مستفيد من حالة الانقسام التي تعاني منها المعارضة التونسية.
ويقول الحاجي إن “ضعفها وتشتتها في اللحظات المهمة لا يخدم إلا مصلحة السلطة”، لأنه، وفق تقديره، “يمسّ من مصداقيتها ويؤكد أن موازين القوى غير متكافئة”.
ويضيف أن “السلطة المحظوظة هي التي تكون في مواجهتها معارضة عاجزة عن التحوّل إلى قوة ضغط حقيقية بفعل انقساماتها الداخلية”.