عبد الله بوحبيب: الدبلوماسي والوزير الذي عشق لبنان وتواصل مع العالم بلغة خاصة.

د.ايلي مخايل
برحيل الوزير السابق الدكتور عبد الله بوحبيب شعرت الديبلوماسية اللبنانية بأن قوة خرجت منها، قامة سياسية وطنية ديبلوماسية هوت وهوى معها بعض من ذاكرة لبنان الحديث.
خسر لبنان ديبلوماسياً شاملاً يجمع أناقة ولباقة الحضور والتواصل والتفاوض مع فكر متقد في التحليل والتخطيط وحلّ النزاعات. شخصية شاملة لأنه ديبلوماسي عريق منذ توليه سفارة لبنان في واشنطن، عرف كيف يجنّب وطناً أحبّه المآزق والمطبّات في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان الحديث، حيث تولى وزارة الخارجية والمغتربين بتميّز وحنكة وحكمة وعمق التزام بالقناعات دون التفريط بالمسلّمات الوطنية. أمدّه الله من نعم الحضور اللبق والأنيق الذي يفرض احترامه بهيبة ووقار حتى وإن خالفته الرأي، أبعاد إنسانية ناضجة في شخصه، يقدّر الصداقة والتنوّع والاختلاف، يقدّم الحجة والأفكار بذكاء متوقد مستند إلى ثقافة شاملة اقتصادية، والاقتصاد هو اختصاص الدكتوراه التي حملها.
ديبلوماسي متمرّس عرفته المنابر والمحافل الدولية والدبلوماسية العالمية مستشاراً وسيطاً، مفاوضاً، صاحب رأي سديد.
التزامه الوطني منبع حيوية عمله، أصبحت وزارة الخارجية في عهده خليّة عمل وأرسى فيها دينامية لافتة، اجتهد وطوّر وكتب كتباً من الضوء الأصفر إلى سياسات أميركا في الشرق الأوسط ولبنان، فبرز محللاً نافذاً رؤيوياً ذا حسّ سياسي قادر على الاستنباط والتوقع.
كان وطنياً أصيلاً ملتزماً، ناضل في صفوف المقاومة اللبنانية في عزّ تألقها مرشداً ومستشاراً وسفيراً.
ولم يتخلّ عن مارونيته، فكان خصب الأفكار وتوليد المشاريع في الرابطة المارونية التي له فيها بصمات وذكريات حافلة وهو تبوأ فيها مركز نائب الرئيس.
علامة مضيئة من تاريخ لبنان السياسي والديبلوماسي، سيتذكرها ويتماهى بها كل لبناني أصيل على اختلاف توجهاته السياسية.
وداعاً صديقي معالي التواضع والحكمة والرفعة والأناقة في التعبير واحترام الرأي المختلف. سوف أفتقد حواراتي ونقاشاتي معك، صداقتك سوف تبقى مطبوعة في ذاكرتي سلام لنفسك وروحك الجميلة، عزاء لجولي زوجتك الرفيقة الأمينة ولأولادك أمين وآمال وفدى.