صفقات ‘ناقصة’ أثرت على تاريخ كرة القدم

خلف الأضواء، وبعيداً من الإثارة في الملاعب، تكمن قصص كثيرة عن صفقات فاشلة كانت لها تأثيرات بعيدة المدى على عالم كرة القدم، وأحياناً تكون أسباب هذه الصفقات “الفاشلة” غريبة وغير متوقعة؛ قد تكون طبية، إدارية، أو حتى شخصية.
في هذا التقرير، نستعرض أشهر الصفقات التي لم تكتب لها النجاحات، والتي كان من الممكن أن تغير مسار الكرة الأوروبية والعالمية بشكل جذري.
روبرت بروسينيكي
في أواخر ثمانينات القرن العشرين، كان روبرت بروسينيكي أحد ألمع نجوم جيل يوغوسلافيا الشاب الذي فاز ببطولة العالم للشباب عام 1987؛ فاللاعب كان يتمتع بموهبة كبيرة جعلت كبرى أندية أوروبا تتهافت عليه، بينها ريال مدريد، ميلان، وبايرن ميونيخ.
وبعد مفاوضات طويلة، اقترب ريال مدريد من التوقيع معه، لكنّ ميلان، الذي كان بين أبرز المهتمين، رفض التعاقد معه بناءً على تقرير طبي أثار استغراب الكثيرين، إذ أظهرت الفحوصات الطبية أنّ بروسينيكي يعاني من مشاكل في فكّه الطويل وأسنانه البارزة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إصابات عضلية وآلام في الظهر.
وبناءً على هذه التوصية، فضل الـ”روسونيري” الاستثمار في ديان سافيسيفيتش،اللاعب الآخر من البلقان الذي أظهر مستوى متميزاً. لم تكن تجربة بروسينيكي ناجحة مع ريال مدريد كما كان متوقعاً، إذ عانى من إصابات متكرّرة مزقت مسيرته.
رود خوليت
رود ديل خوليت كان نجماً صاعداً في منتصف ثمانينات القرن الماضي مع نادي بي إس في آيندهوفن، إذ جذب أنظار كبرى الأندية الأوروبية بفضل قوته البدنية وطوله ومهاراته العالية في اللعب وصناعة الأهداف. حاول ريال مدريد التعاقد معه بعرض مالي كبير قُدر بستة ملايين دولار، وكان ينوي ضمه استعداداً للموسم الجديد في صيف 1987.
لكن وسط هذه المفاوضات الجارية، كان سيلفيو برلسكوني، رئيس نادي ميلان، يراقب الموقف بعناية. وقد نجح في جذب رود خوليت إلى إيطاليا عبر عقد مغرٍ مالياً، إلى جانب هدايا رمزية للاعب، مثل الشوكولاتة وباقة زهور لزوجته.
هذه الأمور دفعت خوليت إلى توقيع العقد فوراً مع الـ”روسونيري”، وترك ريال مدريد في حالة من الصدمة والارتباك.
زيكو
زيكو، الذي لُقب بـ”بيليه الأبيض” وكان من ألمع نجوم كرة القدم في السبعينات والثمانينات، كان حلماً لريال مدريد لاستعادة مجده الأوروبي. ورغم اهتمام النادي الملكي، واجهت محاولات التعاقد معه عقبة كبيرة تمثلت في والده خوسيه، وهو خباز برتغالي ومشجع مخلص لنادي فلامنغو، الذي كان يرفض بشكل قاطع انتقال ابنه إلى الخارج أو حتى مغادرة صفوف فلامنغو.
البرازيلي زيكو. (وكالات)
هذا الرفض الحازم حال دون إتمام الصفقة، رغم محاولات ريال مدريد المتكرّرة حتى عام 1983. وفي تلك السنة، بينما كان ريال مدريد يعاني من إخفاقات متتالية ويشاهد برشلونة مدعوماً بمارادونا يحصد الألقاب، أصر الملكي على استقطاب زيكو لتعزيز صفوفه.
ومع تعثر المفاوضات المالية مع نادي فلامنغو، نجح نادي أودينيزي الإيطالي في خطف اللاعب، الذي عاد ليحرز أهدافاً أمام ريال مدريد في مباراة ودية، مما زاد من مرارة الفشل لريال مدريد وأثبت أنّ رفض والد اللاعب كانت له تداعيات كبرى على مستقبل النجم البرازيلي ومسيرة النادي الملكي.
ميشيل بلاتيني
يعتبر ميشيل بلاتيني من أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، وبرز نجمه في منتصف السبعينات. قبل انتقاله إلى جوفنتوس، كانت هناك مفاوضات كبيرة بين أندية أوروبية عدة، منها فالنسيا، برشلونة، إنتر ميلان، وجوفنتوس، لكن المفاوضات لم تكن سهلة بسبب المطالب المالية المرتفعة من نادي نانسي الفرنسي.
في فترة من الفترات، أبدى توتنهام هوتسبير وأرسنال اهتماماً حقيقياً بالتعاقد معه، لكنّ بلاتيني رفض الانتقال إلى الدوري الإنكليزي بسبب جدول المباريات الذي يجبر اللاعبين على اللعب خلال عطلة عيد الميلاد، وهو وقت يعتبره مهماً للعائلة.
رفضه هذا العرض كان قراراً شخصياً اتخذ بناءً على نصيحة زوجته، مما دفعه للبقاء في فرنسا، قبل أن ينتقل لاحقاً إلى إيطاليا ويصنع مجده مع جوفنتوس.
إيزيبيو
في ستينات القرن الماضي، كان إيزيبيو نجم بنفيكا والبرتغال، وأحد أبرز مهاجمي كرة القدم في أوروبا والعالم. حاول نادي جوفنتوس التعاقد معه في عام 1964 لتعزيز صفوفه، إذ قدم عرضاً مالياً مغرياً للاعب، كان أعلى بأربعة أضعاف مما كان يتقاضاه في البرتغال.
كانت التوقعات تُشير إلى انتقال إيزيبيو إلى إيطاليا ليقود الهجوم ويوفر لفريق “السيدة العجوز” فرصة جديدة للتتويج بالألقاب الأوروبية، ولكنّ السياسة تدخلت في مصير الصفقة؛ فقد دعا الديكتاتور البرتغالي أنطونيو دي أوليفيرا سالازار اللاعب الى تناول الغداء، وأبلغه أنه لا يمكنه اللعب خارج بلاده لأنه “هو ملك للدولة”.
ورغم اعتراض إيزيبيو وتساؤله عن حقوقه كمواطن يدفع الضرائب، لم يكن في مقدوره تحدي القرار، بذلك، بقي إيزيبيو مع بنفيكا وأصبح رمزاً للكرة البرتغالية.