بغداد وأربيل… اتفاق مؤقت في ظل تصاعد التوترات

بغداد وأربيل… اتفاق مؤقت في ظل تصاعد التوترات


اتفاق مبدئي بين بغداد وأربيل بشأن تسليم الموارد النفطية وإرسال رواتب الموظفين.

Smaller
Bigger


توصّلت بغداد وأربيل إلى اتفاق مبدئي بشأن تسليم الموارد النفطية وإرسال رواتب الموظفين، غير أن أجواء التصعيد لا تزال تخيّم على مسار التفاوض بين الطرفين، إذ يُبدي كل طرف تحفّظه ويُلوّح بإمكانية عدم الالتزام بتطبيق الاتفاق.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها “النهار”، فإن إقليم كردستان سيسلّم 240 ألف برميل نفط يومياً إلى شركة تسويق النفط الوطنية “سومو”، بالإضافة إلى تحويل مبلغ 120 مليار دينار عراقي (نحو 85 مليون دولار) إلى الخزينة العامة، كبدل عن نصف موارده المحلية، وفق ما ينص عليه الدستور العراقي. في المقابل، ستلتزم الحكومة الاتحادية بإرسال رواتب موظفي الإقليم بانتظام، من دون أيّ تأخير أو ربط بالمناخات السياسية.
الاتفاق جاء بعد ليلة من التفاوض الماراثوني، أدّى خلالها وزير الخارجية العراقي وعضو الحزب الديموقراطي الكردستاني فؤاد حسين دوراً محورياً، إذ أجرى ثلاثة اتصالات هاتفية مع رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، وتواصل مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزيرة المالية طيف سامي، قبل أن يتحدث مع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني.
هذا الحراك السياسي الحكومي جاء عقب سلسلة من التصريحات التصعيدية الصادرة عن القيادات الكردية، التي حذّرت من اتخاذ إجراءات سياسية حاسمة ضد بغداد، إذا استمرّت في تجاهل الالتزامات الدستورية المتعلقة بالملفات العالقة. فالمباحثات الفنية والوفود المتبادلة لم تنجح في التوصّل إلى توافق نهائي بشأن قضايا الرواتب وتصدير النفط وحسابات الموارد، ما دفع العديد من الساسة الأكراد إلى اعتبار الملف الاقتصادي أداة ضغط سياسي، مطالبين بأن يكون الحل عبر اتفاق سياسي أولاً.
ويتحدث مصدر سياسي رفيع في الإقليم، لـ”النهار”، عن رؤية أربيل لجوهر الأزمة. ويقول: “ثمة شعور عام في الإقليم بأن هذا التصعيد المالي مصطنع، وتستخدمه بعض الأطراف في بغداد لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية قبل الاقتراع المرتقب”.
ويضيف: “رئيس الوزراء يسعى لتقديم نفسه كشخص نجح في فرض تنازلات على كردستان، لا سيما في ملفي النفط والموارد المالية، وهو ما لم يحققه رؤساء الوزراء السابقون. أما الإطار التنسيقي، فلا يريد منحه هذا الإنجاز، خشية أن يجتذب مزيداً من الأصوات على حسابهم، لكنه لا يواجهه بالتفاهم، بل بزيادة الشروط المفروضة على الإقليم”.
من جهة أخرى، يبدو أن القيادة السياسية الكردية أحالت الملف إلى حكومة الإقليم، التي ناقشته في اجتماع رسمي عُقد الأربعاء، تناولت فيه مستجدات تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات المبرمة مع الحكومة الاتحادية، خصوصاً ما يتعلق برواتب موظفي الإقليم والمستحقات المالية وتصدير النفط والإيرادات غير النفطية. ووفق مصادر مطلعة، فإن حزبي الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني اتفقا على اتخاذ خطوات ثنائية في حال عدم استجابة بغداد السريعة لهذه التفاهمات.
ويرى الباحث والكاتب برهان كيوان، في حديث لـ”النهار”، أن “التوافق الموقت بين بغداد وأربيل بات حتمياً في المرحلة الراهنة، لأسباب انتخابية وأمنية”. ويوضح: “لا يمكن إجراء الانتخابات وسط هذا المستوى من الاستقطاب. القوى المركزية تشعر بضعف كبير في ظلّ تراجع الدور الإيراني، ولا ترغب في أن يكون ذلك الضعف ظاهراً سياسياً وميدانياً قبيل الانتخابات. لذلك، تُطالب الإقليم بكل متوجباته المالية، وتغضّ النظر عن عشرات الهجمات المنظمة على حقوله النفطية، في محاولة لفرض شروط جديدة من دون القطيعة”.

العلامات الدالة