شربل لبنان | صحيفة النهار

م. ريبال الياس سميا
للأوطان كما الإنسان حكايات ترويها عن أحداثٍ أو شخصياتٍ، طبعت بصماتُها في فصول تاريخها المُتعاقبة. وهذه الحكايات التي من الممكن أن تتغيّر مع الزّمن لأسبابٍ عديدة، هي تشكّل جزءاً أساسيّاً من تاريخ هذه الأوطان.
و اليوم، ما بين الورقة الأميركيّة والردّ اللبناني، ونار المنطقة الحامية، والحديث عن شرق أوسط جديد، لبنان هو في قلب الحدث، و هو على مفترق طُرُق قراراتٍ مصيريّة، ستكتِبُ الفصل الجديد من حكايته.
وفي خضمّ كلّ حوادث التّاريخ التي تمرُّ؛ هناك حكاياتٌ بَقِيَت ثابتةً ولم تتغيّر، كتبها كما يقول الأب ميشال الحايك “رجالٌ أكثَرَ رَبُّهُم عَليهِم العطايا فلم يحفروا في الأرض ليدفنوا العطيَّةَ بل غرسوها لتنموَ وتُزهِرَ فَتَزهُوَ بِها الأرضُ. وفي الحِساب الذي يُجريه التاريخ على “ضيوف الزمان”، عاجلاً أم آجلاً، يُحسَبونَ من فَعَلَةِ التاريخ لا من الفضوليين المتُقاعدين فيه، بعد أن يكونوا، مثل العبيد الصالحين، “دخلوا فرح سيدهم”، مع المتكئين في وليمة الملكوت”.
وما حكايةً أثبَتُ جذورها، من “حكاية الله” التي عاشَهاً في مُثُلِهِ، هذا الراهب البقاعكفريّ الذي بارَكَ لبنان وحَكَاياهُ، وأصبح “شربل لبنان”.
وفي خضم المشكلِات اليوميّة التي نعيشها، والاختلافات في وجُهات النّظر، محليّة كانت أم إقليميّة، لا مفرّ من التوقّف عند عنّايا في الشّهر السّابع من كلّ عام. فهذه القرية التّي كانت نّائيةً وتتربّع على أعالي جرود جبيل، والتي لم تكن لَتَحلُمُ يوماً بأنّها ستصبح مقصداً للحُجّاج من أقاصي العالم كافّةً، لأنّها الشّاهدةُ على النِّعَم التي يُسبِغُها الله على وطنِنَا بشفاعة مار شربل. فبالإضافة إلى الشفاءات الفرديّة في العالم كلّه، جسديّة كانت أم روحيّة، فما منظر الحشود من كلّ الأديان والطوائف اللّبنانيّة التي تتّجه متّحدة ًصوب عنّايا في شهر تمّوز/ يوليو، إلّا أكبرُ شفاعةٍ للبنان. وحيث إنّ الشّفاعة السّماويّة، إنّما هي لتقوية الإيمان، فمنظر هذه الحشود “التمّوزيّة”، هو رسالة من السّماء تُشَدِّدُ الإيمان فينا بالله وبالوطن.
مار شربل، عينه دائماً على لبنان، وهو الحاضِرُ دائماً ليذكّرنا بأنه حيث وُجد الإيمان، لا شيء غير مُستطاع عند الله. فحتّى لو حاول البعض مَلء سراج الوطن بالماء، في النّهاية سوف يُضيء نورُ السِّراج الطّريق نحو مستقبلٍ أمنٍ، مشرقٍ وزاهرٍ.
في هذا التمّوز، نرفع الصلاة بشفاعة مار شربل على نيّة لبنان، فَوطننا في أمسّ الحاجة إلى نعمة ربّانيّةٍ تُنير عقول بعض المسؤولين عندنا، كي، عندما تحين ساعة القرار على “ضيوف زماننا”، يُحكّموا ضمائرهم، فيُحسبوا من فَعَلَةِ التّاريخ، ويُكتَبُ فصل الحكاية الجديد لخير الوطن.
“قديس من عندنا من شهقات الأرز من صخر الصوان، يا شربلُ اشفع لنا، قد أعطاك ربُك مجد لبنان. هلَّلويا احفظ لبنان”.