عبد الحليم كركلا يتحدث من موسكو لـ’النهار’: نحتفل بمجد لبنان وثقافته على مسرح البولشوي

في لحظة تختصر مسيرة نصف قرن من الشغف، والتجديد، والهوية، تسجّل فرقة كركلا إنجازاً غير مسبوق في تاريخ الفن العربي، بإطلاق عروض مسرحيتها الملحمية “ألف ليلة وليلة” على خشبة البولشوي في موسكو، أحد أعظم مسارح العالم وأكثرها رمزية. ثلاث ليالٍ تاريخية، تنطلق اليوم وتُستكمل في 24 و25 تموز/يوليو الجاري، ترفع خلالها فرقة كركلا راية لبنان في قلب روسيا، وتضيء بنور الشرق أعرق معابد الفن العالمي.
فرقة كركلا في موسكو (الصورة: نبيل اسماعيل)
وفي تصريح خاص لـ”النهار” من أمام البولشوي في موسكو، قال المايسترو عبد الحليم كركلا: “إن هذا المسرح هو من أكبر المراكز الثقافية في العالم. مسرح البولشوي عمره 257 عاماً. لقد زرناه مرتين خلال فترة الاتحاد السوفياتي، لكننا لم نؤدِّ على خشبته، بل أدّينا في جميع مسارح الاتحاد السوفياتي. لكن مسرح البولشوي هو ذروة الفن والحضارة في العالم، ولا يزال كذلك حتى اليوم. نحن فخورون جداً اليوم لأننا نؤدي على خشبة مسرح البولشوي، لنرفع مجدداً علم لبنان، من أجل مجد لبنان الحضاري والثقافي”.
من أمام البولشوي في موسكو عبدالحليم كركلا (الصورة: نبيل اسماعيل)
وأضاف: “نحن أوّل فرقة عربية تزور المسرح وتؤدّي عليه. هنا تعرّفنا إلى الأزمنة والفن، كيف أبدعوا الفن وكيف بنوا هذا المسرح، وكيف أن الفنانين أعطوه أعلى مكانة في المجتمع الروسي. كان للفنانين مكانة مقدّسة، ولا تزال أسماؤهم الإبداعية محفورة داخل القاعة والمسرح، تماماً كما هي الحال في مسرح الأزمنة. كل من يدخل يتذكر الفنانين الذين مرّوا على هذه المسارح، فحياة الفنان لا تزال خالدة في المسرح”.
وختم كركلا قائلاً: “أقول للبنانيين، وللدولة أيضاً، إننا نرفع اليوم علم لبنان ومجد لبنان بالثقافة والحضارة”.
من أمام البولشوي في موسكو عبدالحليم كركلا (الصورة: نبيل اسماعيل)
هذا الحدث الفني البارز سبقه مؤتمر صحافي عقده وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة في المكتبة الوطنية، إلى جانب كركلا والمخرج إيفان كركلا، وبحضور الكوريغراف أليسار كركلا وعدد من الوجوه الثقافية والفنية. وقد حيّا سلامة في كلمته مسرح كركلا، معتبراً أن دعوته إلى البولشوي “وسام يُضاف على صدر عبد الحليم كركلا وفرقته، ومصدر فخر لكل اللبنانيين”، مؤكداً أن “الإبداع في لبنان صمد رغم كل المحن، لأن الثقافة تولد من رحم مجتمع حيّ ومقاوم”.
من أمام البولشوي في موسكو فرقة كركلا (الصورة: نبيل اسماعيل)
تستعيد مسرحية “ألف ليلة وليلة” روح الحكاية الشرقية الكبرى، لا كمجرد سرد خيالي، بل كتجربة سمعية وبصرية تتقاطع فيها رموز التراث مع جماليات الحداثة. فهي عمل جامع ينهل من سحر الشرق، ويقدّمه في صياغة كوريغرافية ومسرحية متكاملة. تنبض اللوحات بالحركة والجمال، تتألّق بأزياء تنسجها الألوان كالقصائد، وتتناغم مع موسيقى عابرة للثقافات.
وقد اختارت الفرقة أعمالاً لكبار المؤلفين مثل ريمسكي كورساكوف وموريس رافيل، ليُشكّل الصوت الموسيقي جسر تلاقٍ بين الغرب والشرق، بين الخيال والأسطورة، في عرض يحتفي بالإنسان والهوية والحضارة.
من أمام البولشوي في موسكو فرقة كركلا (الصورة: نبيل اسماعيل)
ومن المقرّر أن تُستأنف عروض المسرحية على خشبة مسرح كركلا في سن الفيل، بدءاً من نهاية تموز وحتى نهاية آب المقبل، لتستكمل هذه الرحلة الفنية التي تُثبت أن لبنان، رغم الجراح، لا يزال قادراً على تصدير الجمال إلى العالم.
عبدالحليم كركلا واليسار كركلا وإيفان كركلا في موسكو (الصورة: نبيل اسماعيل)