ما هي صحة الفيديو الذي يظهر إعدام مدنيين بدو في السويداء؟ النهار تقوم بالتحقق من المعلومات.

المتداول: فيديو يظهر، وفقاً للمزاعم، “تنفيذ المجموعة التابعة للرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري إعدامات ميدانية بحق مدنيين من العشائر العربية السنية في السويداء” بجنوب سوريا اخيرا.
الا أنّ هذا الادعاء غير صحيح.
الحقيقة: الفيديو يعود لإعدام ستة عناصر من مجموعة “قوات الفجر” التي يقودها راجي فلحوط عند دوار المشنقة في مدينة السويداء بجنوب سوريا، في 29 تموز 2022. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم… وعذراً على قساوة المقطع
تظهر المشاهد أشخاصاً جلسوا ارضاً، جنبا الى جنب، بينما وقف وراءهم شاب واطلق الرصاص عليهم. وقد انتشر الفيديو خلال الساعات الماضية عبر حسابات كتبت معه (من دون تدخل): “مليشيات حكمت الهجري تنفذ إعدامات ميدانية بحق مدنيين من العشائر العربية السنية في السويداء”.
لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (فايسبوك)
السلطات السورية تفتح تحقيقاً في “إعدامات ميدانية” في السويداء
جاء تداول الفيديو في وقت أعلنت السلطات السورية أمس الثلثاء فتح تحقيق في تقارير أفادت بـ”تنفيذ إعدامات ميدانية” في السويداء ذات الغالبية الدرزية، متعهّدة معاقبة المتورّطين فيها، ومؤكدة أن “لا أحد فوق القانون”، وذلك بعد أسبوع على أعمال عنف طائفية شهدتها المحافظة الجنوبية، وفقا لما ذكرت وكالة “فرانس برس”.
وارتفعت إلى 1311 قتيلا حصيلة أعمال العنف التي شهدتها محافظة السويداء، وفقا لحصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان الثلثاء.
واندلعت أعمال العنف في 13 تموز بين مسلحين دروز وآخرين من البدو، قبل أن تتدخل فيها القوات الحكومية ومسلحون من العشائر إلى جانب البدو، وفقا للمرصد وشهود وفصائل درزية.
والثلثاء، دانت وزارة الداخلية السورية “بأشد العبارات المقاطع المتداولة التي تُظهر تنفيذ أشخاص مجهولي الهوية إعدامات ميدانية في مدينة السويداء”. ومنذ أيام يتم تداول مقاطع فيديو تظهر ما يبدو أنها إعدامات لأشخاص بزي مدني.
وشدّدت الوزارة على أنّ “هذه الأفعال تمثّل جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون أشدّ العقوبات”.
حقيقة الفيديو
الا ان الفيديو المتناقل لا علاقة له بهذه “الاعدامات الميدانية” في السويداء، وفقاً لما يتوصل اليه تقصي صحته.
فبالبحث عنه، نعثر عليه منشوراً في حساب “شبكة أخبار السويداء بدقيقة” في تلغرام بتاريخ 2 شباط 2023، مرفقاً بادعاء (من دون تدخل) انه “فيديو قتل وتصفية عدد من الشبان العزل واطلاق النار عليهم بدم بارد على دوار المشنقة (في مدينة السويداء) من قبل اتباع حزب اللواء، ومعهم الشيخ ليث البلعوس، بتوجيهات من القائد مالك بوخير…”.
والبحث بكلمات المفاتيح تلك يوصلنا الى صفحة “شبكة أخبار سوريا 14” في الفايسبوك، والتي نشرت المقطع بالتاريخ والادعاء ذاتهما.
ولكن التعمّق أكثر في البحث يبيّن أن المقطع نشرته قبلاً صفحة “الاعلامية بنت السويداء” في الفايسبوك، في 16 كانون الثاني 2023، مرفقاً بالادعاء ذاته، الذي ورد في الحسابين السابقين. وقد تناقلته عنها يومذاك مجموعات تعنى بأخبار السويداء. ثم أعادت صفحة الاعلامية نشر الفيديو والخبر ذاتهما، في 2 شباط 2023.
والتفتيش أكثر في صفحة “الاعلامية بنت السويداء” يضعنا أمام خبر نشرته في 29 تموز 2022، عن “إلقاء ست جثث على دوار المشنقة في مدينة السويداء، وتمت تصفية الاشخاص أمام دوار المشنقة رميا بالرصاص…”.
ستة أشخاص أُعدموا، تماما كعدد الرجال الذين يُشاهَدون في الفيديو خلال تصفيتهم. وقد نشرت لهم صفحة الاعلامية صورة يومذاك.
قاسم بين صورة الجثث وفيديو التصفية هو الموقع، دوار المشنقة، على ما يبدو. ولكن كان من الصعب إجراء مقارنة بين وجوه الاشخاص فيهما.
في ذلك التاريخ أيضا، وثّق موقع “تلفزيون سوريا” صورة مماثلة نشرتها صفحة “هاشتاغ السويداء سوريا H S S” للعثور على ست جثث عند دوار المشنقة في السويداء. كذلك، نشرت صفحات في الفايسبوك صورا أخرى مماثلة للجثث عند الدوار.
الصورة المنشورة في موقع تلفزيون صورة نقلا عن صفحة في الفايسبوك في 29 تموز 2022
وأورد موقع “السويداء 24” في ذلك اليوم أن “أهالي مدينة السويداء أفاقوا على أصوات إطلاق رصاص كثيف الساعة السادسة صباحاً، لتنجلي الصورة عن جريمة مروعة، ارتُكبت عند دوار المشنقة وسط مدينة السويداء.
جثث ستة قتلى، مكومة فوق بعضها، تبدو آثار التعذيب واضحة عليها، ومصابة برصاصات في الرأٍس. شهود عيان قالوا إن مجموعة مسلحة وصلت إلى دوار المشنقة، وأقدم أفرادها على تصفية القتلى، رمياً بالرصاص. ونقل الدفاع المدني الجثث بعدها إلى مشفى السويداء الوطني، وتبين أنها لأسرى من عصابة راجي فلحوط، تم اعتقالهم خلال الاشتباكات في الأيام الماضية“.
وأفاد الموقع بأنه “سبق أن قُتل 12 عنصراً من عصابة فلحوط، وأسرت فصائل محلية مختلفة 15 عنصراً، خلال المواجهات، وارتفعت حصيلة القتلى إلى 18، بعد تصفية الأسرى الستة”. وأشار الى ان “واحدا من الأسرى المقتولين، وهو رائد كمال الدين، ظهر في فيديو بثته صفحة قوة مكافحة الإرهاب، وقالت إنها اعتقلته مع اثنين آخرين من عصابة فلحوط…”.
وسبق ان انتشر الفيديو بمزاعم خاطئة انه “لإعدام عناصر من الأمن السوري خلال الاشتباكات قرب دمشق”. ونشرت “النهار” مقالة تدقيق بشأنه في 3 ايار 2025.
هذا الفيديو ليس لإعدام عناصر من الأمن السوري خلال الاشتباكات قرب دمشق FactCheck#
تقييمنا النهائي: إذاً، ليس صحيحاً أنّ الفيديو المتناقل يظهر “تنفيذ المجموعة التابعة للرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري إعدامات ميدانية بحق مدنيين من العشائر العربية السنية في السويداء” بجنوب سوريا اخيراً. في الحقيقة، هذا الفيديو يعود لإعدام ستة عناصر من مجموعة “قوات الفجر” التي يقودها راجي فلحوط، عند دوار المشنقة في السويداء، في 29 تموز 2022.