تبون يسعى لتحقيق صناعة حقيقية… مسعى جزائري لإيجاد حل لمشكلة السيارات

تبون يسعى لتحقيق صناعة حقيقية… مسعى جزائري لإيجاد حل لمشكلة السيارات

ما زال ملف تصنيع السيارات السياحية واستيرادها يصنع الحدث في الجزائر، فلا يكادُ يُغلق حتى يُفتح من جديد. وبعد قراره  إحالة كل ما تعلق بالسيارات إلى مجلس الوزراء، تحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الإنتاج والتصنيع والاستيراد، معلناً أنه يريدُ صناعةً حقيقيّة لا تقل نسبة إدماج الصناعة الجزائرية فيها عن 40% و”غير ذلك غير مقبول”.

 

أكد تبون خلال لقائه الدوري مع الصحافة المحلية أن “استيراد السيارات استنزف خزينة البلاد سابقاً”، مُلمّحاً إلى عدم تكرار ذاك الاستنزاف على الأقل إلى نهاية ولايته الثانية.

 جولة سريعة في سوق السيارات المستعمَلة في محافظة سطيف شرق العاصمة الجزائر تظهر حجم معاناة الجزائريين الباحثين عن سيارات سياحية تقيهم عناء التنقلات اليومية عبر وسائل النقل المختلفة.

سياراتٌ من كل الأصناف موجودة هنا، غير أن أسعارها بلغت عَنان السماء؛ أسعارٌ لم ولن تكون أبداً في متناول متوسطي الدّخل فما بالك بمن هم دون ذلك.

لا حديث هنا سوى عن القرارات الحكومية الجديدة المتعلقة بالسيارات، ولا أماني إلا بإيجاد حلّ سريع لتمكين الجزائري من سيارة بسعر معقول.

 

 

صورة تعبيرية (وكالات)

 

الأسعار… هاجسُ الزبائن
سمير، في الأربعين من العمر، موظف حكومي، حضر إلى السوق بنيّة شراء سيارة. نسأله: “يبدو أنك لم تجد السيارة التي تبحث عنها؟” يجيب: “لا بل وجدتها، ما لم أجده هو السعر الذي يمكّنني من ابتياعِها. كنت أعتقد أن قرار الرئيس تبون الأخير قد يخفّض الأسعار لكنّها بقيت على حالها… سننتظر، ربما إلى العام المقبل عندما تُطبَّق قرارات الاستيراد والتصنيع الحقيقي”.

غير بعيد عن سمير، مجموعة من الباعة والزبائن يتناقشون بأصواتٍ عالية… “قرار الرئيس جيّد ولكن لن تكون له تأثيرات على السوق حالياً”، يقول أحدهم، ويضيف آخر: “بل سيتأثر السوق وستعرف الأسعار بعض الانخفاض حتماً؛ لا يمكن أن تبقى الأسعار مرتفعةً بهذا الشّكل إذا تم تنظيم الاستيراد”، يُقاطعه ثالث: “المشكل في تطبيق القرارات، لابد من الحزم. الحكومة أوقفت استيراد السيارات منذ مدة وهو ما رفع الأسعار وإذا استطاع الرئيس تنظيم الملف ومنحه الأهمية اللازمة فسيشهد السوق انتعاشةً وانخفاضاً في الأسعار خلال عام على الأكثر”.

 

ملف السيارات استغرق مدةً زمنية طويلة
رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي، يرى أنّ حصرَ منح اعتمادات نشاط استيراد السيارات  وتصنيعها بمجلس الوزراء “له دلالةٌ وأهمية عظمى”.

ويقول زبدي لـ”النهار”، إنّ “هذه الدلالة تكمن في إيلاء السلطات الحكومية نشاط صناعة السيارات اهتماماً خاصّاً”، لا سيما أن الملف استغرق مدة زمنية ليست بالقصيرة، بخاصة ما تعلق بإعداد دفترِ الشروط.

ويؤكد أنّ تحويل ملف السيارات إلى مجلس الوزراء “سيمنحُه شفافيةٍ أكثر وثِقلاً ومعنًى أكبر للاعتماد الذي ستحظى به المؤسسات والشركات الراغبة في الاستيراد أو التصنيع الحقيقي في الجزائر”.

وعن ضرورة تجسيد صناعة ميكانيكية حقيقية تصل نسبة مساهتمها في الناتج الداخلي الخام إلى الـ12 في المئة، يشير زبدي إلى “نية الحكومة  تبنّي صناعةٍ حقيقيّةٍ قويّةٍ وواعدة”، لافتاً إلى عدد العلامات العالمية الرائدة في التصنيع التوّاقة لاقتحام نشاط استيراد السيارات وصناعتها في الجزائر والتي تعدّت الـ20، في وقت لا يتعدى عددها في أكبر الدول علامتين اثنتين أو ثلاثاً.

 

ملف السيارات وإرثُ بوتفليقة
ويصف زبدي قرار تبون بالتنظيمي الذي سيمكّن من التسريع بحلّ هذه المسألة الشائكة، مضيفاً أنّ بطء وتيرة منح التراخيص والاعتمادات من جانب اللجان الوزارية سابقاً تسبّب في تحويل الملف إلى مجلس الوزراء مباشرة، وهو ما “يشجّع المستثمرين ويدفعهم إلى عدم الانتظار كثيراً من أجل بداية التصنيع وتهيئة المنشآت الخاصة بذلك”.

أما البطء الذي تميّز به حلّ إشكالية ملف السيارات فيُرجعه زبدي إلى “الإرث الذي خلّفته الحكومات السابقة زمن حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وما صاحبَه من تضليل في وجود صناعة حقيقية، إلى درجة وصفها بصناعة نفخ العجلات”.

ويختم زبدي بالتأكيد أنّ “الموقع الاستراتيجي للجزائر باعتبارها  مدخلاً أساسيّاً نحو القارة الأفريقية والامتيازات التي توفرها البلاد من إمكانات طبيعية ويدٍ عاملة غير مُكلّفة، تجعل منها مقصداً للكثير من العلامات العالمية”.