قانون قيصر: خيارات الإلغاء أو التمديد، والكونغرس يفضل التخفيف التدريجي للعقوبات

قانون قيصر: خيارات الإلغاء أو التمديد، والكونغرس يفضل التخفيف التدريجي للعقوبات

رغم الحماسة التي أبداها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإلغاء منظومة العقوبات المفروضة على سوريا بهدف إعطائها فرصة لإعادة الإعمار، كما ورد في تصريحاته، بقيت هناك شكوك واقعية في شأن إمكان تنفيذ ذلك بالسرعة التي يرغب فيها. ولم تكن العقبات البيروقراطية وحدها السبب في هذه الشكوك، رغم ما تتطلبه من إجراءات طويلة لإلغاء القوانين أو تعديلها، بل أيضاً لأن رفع العقوبات الأميركية ولاسيما منها “قانون قيصر”، لا يبدو مجانياً، وإن أُعلن خلاف ذلك. فالأمر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعدد من الملفات التي تحظى بأولوية لدى السياسة الأميركية، وعلى رأسها ملف السلام والتطبيع بين سوريا وإسرائيل، كما سبق أن أشارت “النهار” في تقرير سابق.
وبالتزامن مع تصاعد الحوادث الدامية في محافظة السويداء، فوجئ الناشطون السوريون الأميركيون، الذين بذلوا جهوداً كبيرة لمتابعة رفع العقوبات تنفيذاً لأوامر ترامب التنفيذية، بالتعثر الذي واجهته محاولة إلغاء “قانون قيصر” في 15 تموز/ يوليو. وبينما يصرّ البعض على عدم وجود علاقة بين تجدد العنف في السويداء ورفض تسجيل مشروع قانون إلغاء “قيصر” في الكونغرس لأسباب فنية، يرى آخرون أن هذه الحوادث، إلى جانب تلك التي شهدها الساحل السوري سابقاً، ساهمت في تغيير المزاج العام للمشرّعين الأميركيين، ليس إزاء رفع العقوبات فحسب، بل في مقاربة الملف السوري برمّته. وزاد من تعقيد الموقف الإعلان عن مقتل أميركي من أصل سوري بطريقة بشعة على أيدي مسلّحين موالين للسلطة الانتقالية في دمشق.
ويشهد الكونغرس الأميركي حالياً حراكاً محتدماً بشأن العقوبات على سوريا، إذ قُدّمت مشاريع قوانين عدّة، بينها اثنان يسعيان إلى إلغاء قانون قيصر بشكل كامل، وبالتالي رفع جميع العقوبات التي فُرضت بموجبه.
ومن أبرز هذه المشاريع، القانون الذي قدمه النائب مايكل لولر، والذي أثار جدلاً واسعاً لأسباب عدة، أهمها أنه جاء بعد فشل محاولة لإلغاء قانون قيصر من خلال إلحاق مادة بمشروع موازنة الدفاع، وهو المشروع نفسه الذي أُدرج قانون قيصر فيه في الأساس. وقد رفض المراقب البرلماني هذه المحاولة لأسباب فنية، ما دفع لولر إلى صياغة مشروعه الجديد بطريقة مبهمة: فمن جهة، يدعو إلى رفع معظم العقوبات عن دمشق، ومن جهة أخرى يطالب بتمديد القانون لعامين بهدف مراقبة أداء الحكومة السورية ومدى التزامها الشروط الواردة فيه.
ومن أبرز هذه الشروط: وقف استخدام المجال الجوي لشنّ هجمات على المدنيين، بما يشمل الطائرات المسيّرة. ضمان وصول غير مقيّد للمساعدات الإنسانية والدولية، وتوفير التنقل والرعاية الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. إطلاق جميع السجناء السياسيين والسماح للمراقبين الدوليين بدخول مراكز الاحتجاز. الامتناع عن استهداف الأقليات الدينية أو احتجازها بشكل تعسفي. واتخاذ خطوات ملموسة وقابلة للتحقق لمكافحة إنتاج مخدر الكبتاغون وتوزيعه.
وفي حديث الى “النهار”، يوضح السياسي السوري الأميركي أيمن عبدالنور أن السيناتورة جين شاهين قدّمت مشروعاً لإلغاء قانون قيصر أمام مجلس الشيوخ، بالشراكة مع السيناتور الجمهوري راند بول، بعدما رفض رئيس لجنة العلاقات الخارجية جيم ريتش التوقيع عليه. ويتضمن مشروع شاهين مطلباً وحيداً: الإلغاء الكامل لقانون قيصر.
أما مشروع لولر المعروض أمام مجلس النواب، فيدعو إلى الإلغاء ولكن مشروطاً بإجراء مراجعة وتقييم لأداء الحكومة السورية في ما خصّ الشروط السالفة الذكر.
ويضيف عبدالنور: “أعتقد أن مشروع لولر سيُعرض على التصويت في اللجنة المالية الأربعاء (اليوم)، وهو مدعوم من رئيس اللجنة فرنش هيل. ومن ثم ستبدأ مناقشات بين الجمهوريين والديموقراطيين لاختيار المشروع الذي سيتم تبنّيه”. لكنه يشدد على أن “الاتجاه السائد حالياً في الكونغرس يقوم على التباطؤ والتدرّج في رفع العقوبات”.
من جهته، اعتبر “المجلس السوري الأميركي”، الذي قاد جهود محاولة الإلغاء الأخيرة، في بيان له، أن مشروع لولر يتناقض مباشرة مع التوجه السياسي الذي حدّده ترامب في أمره التنفيذي الصادر بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2025، والذي نصّ على إنهاء العقوبات الشاملة المفروضة على سوريا. وقد أنهى هذا القرار رسمياً برنامج العقوبات، وفتح المجال أمام إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، مؤكداً أن “رسالة ترامب كانت واضحة وجريئة: حان الوقت لمنح سوريا فرصة للتعافي”.
ووفقاً للبيان، فإن مشروع لولر يتعارض كذلك مع موقف السيناتورة شاهين، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية، والتي تدعم تخفيف العقوبات. وخلص البيان إلى أن “عنوان المشروع قد يوحي المساءلة أو الإصلاح، لكنه في جوهره يمثل توسعاً مبطناً لقانون قيصر، ويعزز العقوبات في اللحظة التي كان من المفترض أن تنتهي فيها”.