ما سبب بيع أرامكو جزءاً من حقل الجافورة للغاز؟

في خطوة تُعد من الأبرز في مسار تنويع مصادر التمويل في قطاع الطاقة السعودي، تخوض شركة أرامكو السعودية محادثات متقدمة لبيع حصة تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار في البنية التحتية لمشروع الغاز الطبيعي العملاق “الجافورة”. وتُشير وكالة “رويترز ” إلى أن التحالف الذي يُحتمل أن يستحوذ على هذه الحصة مدعوم من وحدة “غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” التابعة لشركة بلاك روك، وقد يتم الإعلان عن الاتفاق النهائي خلال الأيام القليلة المقبلة.
الصفقة لا تتعلق بحصة في الغاز نفسه، بل بالبنية التحتية الداعمة للمشروع، مثل خطوط الأنابيب ومنشآت المعالجة والنقل، التي تُعد مكونات حيوية لنجاح المشروع، الذي تتجاوز قيمته الإجمالية 100 مليار دولار.
لماذا تتجه أرامكو إلى هذا الخيار؟
بحسب حديث الخبير الاقتصادي السعودي علي الحازمي إلى “النهار”، فإن الصفقة تمثل تحركًا ذكيًا على أكثر من صعيد. يقول الحازمي إنّ “بيع حصة بـ10 مليارات دولار يتيح لأرامكو تحرير هذا المبلغ الضخم والاستفادة منه في مشاريع استراتيجية أخرى، من دون الحاجة إلى الاقتراض أو إصدار أسهم جديدة.”.
ويضيف: “الدخول في شراكة مع جهات دولية بحجم Global Partners يمنح المشروع مصداقية عالمية، ويؤدي إلى تقاسم فعّال للأخطار التشغيلية، فضلًا عن الاستفادة من تقنيات وخبرات جديدة ستعزز الأداء والإنتاجية”.
حقل الجافورة (وكالات)
مشروع”الجافورة”: ركيزة لتحول السعودية في سوق الغاز
يُعد حقل “الجافورة” من أهم مشاريع الغاز غير التقليدي في المملكة، حيث يتم استخراج الغاز من تكوينات صخرية تتطلب تقنيات متقدمة ومعقدة. وتُطوّر أرامكو هذا المشروع بهدف تزويد محطات الكهرباء المحلية بالغاز لتقليل الاعتماد على النفط، وكذلك لدخول سوق التصدير بقوة، ما يعزز مكانة المملكة كمُصدّر رئيسي للغاز على المستوى العالمي.
ويرى الحازمي أن هذه الصفقة تندرج ضمن استراتيجية أرامكو لتنويع مصادر الدخل: “بدلاً من الاعتماد فقط على إيرادات النفط، أصبحت هناك إيرادات إضافية من بيع حصص استراتيجية في مشاريع ضخمة، ما يعكس فكراً اقتصادياً مرناً يتماشى مع رؤية المملكة 2030”.
في المحصّلة، إنّ بيع أرامكو حصة في مشروع “الجافورة” ليس مجرد عملية استثمارية، بل خطوة استراتيجية شاملة تهدف إلى تعظيم العوائد، وتقاسم الاخطار، واستقطاب الشركاء الدوليين، وتنويع مصادر الدخل. وهي بذلك تؤكد أن المملكة ماضية في إعادة تشكيل مشهد الطاقة من موقع الريادة، وبتخطيط مالي متوازن بين الطموح والواقعية.