تعرقل جهود السلام… تصعيد نتنياهو ضد دمشق يثير غضب ترامب!

تعرقل جهود السلام… تصعيد نتنياهو ضد دمشق يثير غضب ترامب!

وصف مسؤولون أميركيون العلاقات الإسرائيلية – الأميركية، بعد هجوم سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف في محافظة السويداء السورية، بأنها تمرّ بمرحلة من القلق والتوتر داخل البيت الأبيض. وأعربوا عن غضبهم تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ونقل مراسل “القناة 12” الإسرائيلية باراك رافيد عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: “بيبي يتصرّف كالمجنون. يقصف باستمرار أيّ شيء يتحرّك. ما يفعله قد يُفشل ما يحاول الرئيس دونالد ترامب تحقيقه في سوريا خصوصاً، وفي المنطقة عموماً”.
وقال مسؤول أميركي ثانٍ للقناة إن مقتل المواطن الفلسطيني–الأميركي سيف الله مصلط، بعد تعرّضه للضرب حتى الموت على يد مستوطنين متطرفين في بلدة سنجل شمال رام الله، إضافة إلى قصف الجيش الإسرائيلي لكنيسة في غزة، دفع الرئيس الأميركي إلى الاتصال بنتنياهو وطلب إيضاحات. وأضاف المسؤول: “الشعور العام هو أن هناك حادثاً جديداً كل يوم. ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟”.
ونقلت القناة عن مسؤول أميركي ثالث أن هناك شكوكاً متزايدة في إدارة ترامب تجاه نتنياهو، مضيفاً: “نتنياهو يتصرّف كصبي أحياناً، ولا يعرف ببساطة كيف يواجه الأمور. إصبعه خفيفة على الزناد”.
رغم ذلك، لم يوجّه ترامب انتقادات مباشرة للغارات الإسرائيلية على السويداء. لكن، بحسب مسؤول أميركي، فإن المبعوث الأميركي توم برّاك طلب من المسؤولين الإسرائيليين، خلال محادثات معهم الأسبوع الماضي، وقف هذه الغارات، وقد تعهّدت إسرائيل بذلك، إلا أنها عادت وصعّدت هجماتها، وقصفت يوم الأربعاء مقرّ هيئة الأركان والقصر الرئاسي في دمشق.

هجمات السويداء فاجأت الأميركيين
وأشار أحد المسؤولين الأميركيين إلى أن “الهجمات الإسرائيلية على سوريا فاجأت الرئيس والبيت الأبيض. ترامب لا يحب أن يُشغّل التلفزيون ويرى القصف في بلد يحاول إحلال السلام فيه، خصوصاً بعد إعلانه التاريخي عن عزمه المساهمة في إعادة إعمار سوريا”. وعلى الرغم من الإحباط داخل الإدارة الأميركية، امتنع ترامب عن توجيه انتقادات علنية لإسرائيل، ولا يزال من غير الواضح إن كان يشارك مستشاريه قلقهم من نتنياهو.
رفض المتحدث باسم نتنياهو، زئيف أغمون، التعليق على التقرير. وتأتي هذه الانتقادات بعد أيام قليلة من زيارة نتنياهو لواشنطن، حيث التقى ترامب مرتين، في أجواء بدت إيجابية، في ظلّ إنجازات إسرائيلية في الحرب ضد إيران.
لكن الأحداث الأخيرة تهدّد بتعكير صفو العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، التي شهدت تقارباً غير مسبوق خلال النصف الأول من ولاية ترامب. ففي أقل من أسبوعين، عبّرت الإدارة الأميركية عن قلقها من خمس حوادث مختلفة، ما خلق توتراً حقيقياً بين الطرفين. وقد طالب السفير الأميركي مايك هاكابي إسرائيل بتوضيحات بشأن مقتل مواطن أميركي، وإحراق كنيسة في قرية الطيبة شرق رام الله، كما أعرب عن غضبه من رفض منح تأشيرات دخول للمتطوعين المسيحيين.
أما ترامب، فغضب بشدة بعد قصف كنيسة اللاتين في غزة، وكذلك بسبب طريقة تصرّف إسرائيل في سوريا.


خلف الكواليس
في الأثناء، أرسلت دول مثل تركيا والسعودية رسائل غاضبة إلى إدارة ترامب بسبب تصرّفات إسرائيل. واشتكى عدد من كبار المسؤولين الأميركيين مباشرة للرئيس من سلوك نتنياهو، من بينهم برّاك، والمبعوث ستيف ويتكوف، المقربان من ترامب.
وبحسب مسؤول أميركي كبير، كان الرأي السائد في البيت الأبيض أن نتنياهو أمر بالهجمات على السويداء لأسباب سياسية داخلية، تحديداً بسبب ضغوط من الأقلية الدرزية في إسرائيل.
وقال مسؤول أميركي كبير في تعقيبه للقناة 12: “الأجندة السياسية لنتنياهو هي التي تحركه، وهذا قد يتبيّن لاحقاً كخطأ فادح”.
وأشار مسؤول آخر إلى أن إسرائيل لا تدرك حجم الضرر الذي لحق بصورتها في واشنطن خلال الأسبوع الأخير، مضيفاً بحدة: “على الإسرائيليين أن يُخرجوا رؤوسهم من مؤخراتهم”.

إسرائيل تُفاجأ بالانتقادات الأميركية
وأفاد التقرير بأن إسرائيل فوجئت بالانتقادات الأميركية لهجماتها في سوريا، خاصة أن ترامب كان قد شجّع نتنياهو في بداية ولايته على الاحتفاظ بأجزاء من سوريا، ولم يُبدِ آنذاك أيّ اعتراض.
وأكد مسؤول إسرائيلي أن تل أبيب لم تتحرك في سوريا إلا بعد حصولها على معلومات استخبارية واضحة عن ضلوع النظام السوري الجديد في هجمات على الدروز. ونفى أن تكون هناك دوافع سياسية داخلية، مشيراً إلى أن التدخل جاء ضمن “التزام أخلاقي تجاه الطائفة الدرزية في إسرائيل”.
لكنّ مسؤولاً أميركياً شدّد على أن “إسرائيل ليست من يقرّر ما إن كانت الحكومة السورية قادرة على فرض سيادتها على أراضيها أم لا. السياسة الإسرائيلية الحالية ستؤدّي إلى زعزعة الاستقرار، وسيدفع الدروز وإسرائيل الثمن معاً”.


ضغط الدروز
من جانبه، أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هاريئيل إلى أن التقارير الأولى من السويداء أثارت ذعراً واسعاً بين الدروز في إسرائيل، ما أدى إلى ضغوط كبيرة على الحكومة للتدخل. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي لم ينفذ هذه المرة عمليات قريبة من الحدود، بل أرسل مقاتلات لقصف مناطق تبعد 70–80 كيلومتراً داخل جبل الدروز، فيما الاعتبارات السياسية كانت حاضرة بقوة، لا سيما حاجة “الليكود” لأصوات الدروز في الانتخابات المقبلة.
وأضاف أن إدارة ترامب، التي قدمت أخيراً دعماً لنظام الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، لا ترحّب بالتدخل الإسرائيلي، وهناك أيضاً تحفظات في هيئة الأركان العامة، إذ يرى عدد من كبار الضباط أن إسرائيل تتورط في صراع لا شأن لها به، ولا تأثير فعلياً لها عليه. وبعد وقف إطلاق النار، بدا أن نتنياهو اضطر مجدداً إلى الرضوخ للضغوط الأميركية، كما حدث في نهاية المواجهة مع إيران.
واختتم هاريئيل بالقول إن شخصية الشرع لا تزال تثير الغموض: “هل هو جهادي؟ أم رجل دولة؟ أم كلاهما؟ يبدو أنه يتحرك بين ضغوط متناقضة، ومع ذلك لا يزال يحظى بدعم الأميركيين”.
وأشار إلى أن التوترات الأخيرة قد تهدأ موقتاً، لكن آمال ترامب في تحقيق انفراجة في العلاقات السورية–الإسرائيلية لا تزال تواجه تحديات كبيرة.