هل سيقوم بوتين بشن هجمات على دول البلطيق في المستقبل القريب؟

هل سيقوم بوتين بشن هجمات على دول البلطيق في المستقبل القريب؟

“إذا أوقفَتْ روسيا القتال في أوكرانيا، فستصلون إلى موقف حيث وفي غضون أشهر، ستكون لديهم الإمكانية لشن هجوم محدود على دولة في الناتو سنكون مسؤولين عن دعمها، وسيحصل ذلك بحلول 2030”.

 

كان ذلك تحذيراً صارماً من القائد السابق (2022-2024) لهيئة الأركان العامة للجيش البريطاني السابق الجنرال السير باتريك ساندرز. أطلق ساندرز تحذيره عبر صحيفة “ذا تلغراف” قبل أقل من أسبوعين، معرباً عن خيبته من عدم استعداد بلاده لهذا السيناريو.

 

من المناطق الأولى التي رجح ساندرز تحولها إلى هدف مستقبلي لروسيا دول البلطيق الثلاث، بما فيها بلدة نارفا الناطقة بالروسية في إستونيا، والتي تنتشر فيها قوات بريطانية.

 

كيف لروسيا المنهكة أن تعيد اجتياح دولة أطلسية؟

تؤدي عوامل عدة دوراً في تعزيز الاحتمال. فدول البلطيق واقعة مباشرة على الحدود مع روسيا ومساحتها ضئيلة جداً (مساحة لاتفيا، أكبر هذه الدول، أقل من 66 ألف كيلومتر مربع) كما أن قواتها ضئيلة جداً. من ناحية ثانية، لا يفصل روسيا عن هدف عزل دول البلطيق سوى 250 كيلومتراً، وهي المسافة الفاصلة بين بيلاروسيا ومقاطعة كالينينغراد الروسية في الغرب. ومن بيلاروسيا حتى فيلنيوس، العاصمة الليتوانية، ثمة نحو 35 كيلومتراً وحسب.

 

قد يكون استهداف البلطيق “جائزة ترضية” لموسكو. في أفضل الأحوال، بحسب المجريات الراهنة، ستخرج روسيا وهي تسيطر على كامل المناطق الأربع في شرق أوكرانيا. مع ذلك، ستظل هذه المساحة أقل بكثير مما كانت تسيطر عليه موسكو في بداية الغزو الواسع. وفي أسوأ الأحوال، يمكن أن تخرج موسكو بدون سيطرة كاملة على المناطق الأربع. في الحالتين، سيطرح ذلك تساؤلات عما إذا كانت الحرب قد استحقت هذه التكاليف البشرية والمادية. بهذا المعنى، من المحتمل أن تمثل وجهة الهجوم الجديد محاولة للتعويض عن الإخفاقات في أوكرانيا.

 

وبوجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، قد تفقد دول الناتو الحسم في التحرك للدفاع عن المنطقة. ليس مستبعداً أن يتساءل الرئيس الأميركي عن جدوى الاصطدام بقوة نووية للدفاع عن دول صغيرة. وحتى بوجود نية لدى ترامب للدفاع عن البلطيق، قد تحقق روسيا أمراً واقعاً سريعاً، مستفيدة من أخطائها وخبرتها في أوكرانيا، بحيث تضيق الخيارات الأطلسية إلى حد بعيد.

 

ما “يتفق” عليه مسؤولو الاستخبارات

بالتأكيد، ليس الهجوم الروسي المستقبلي على البلطيق مؤكداً، وقد لا يكون راجحاً حتى. بحلول 2030، ربما تكون أوروبا قد أصبحت أقوى في تعبئة قدراتها، ويحتمل أن يعود رئيس أميركي أطلسي الهوى إلى البيت الأبيض. حتى ترامب بات أكثر تأييداً لأوروبا في تصريحاته الأخيرة. وإذا أصرت روسيا على مواصلة حرب الاستنزاف في أوكرانيا لفترة طويلة، فقد تصبح دول البلطيق أكثر أمناً في المستقبل المنظور. كذلك، إن زيادة العقوبات كما تعزز قوة محيط البلطيق خصوصاً فنلندا وبولندا، والتضاريس الصعبة على الحدود مع إستونيا، كلها عوامل ستدخل مجازفات إلى أي حرب روسية مستقبلية على المنطقة.

 

جنود ليتوانيون يتدربون مع نظرائهم البولنديين، 2024 (أ ب)

 

مع ذلك، كلما طال الزمن، ازداد الغموض. في آذار/مارس، قال نائب مدير “مركز الإصلاح الأوروبي” إيان بوند: “الواقع هو أن عدداً متزايداً من المسؤولين الاستخباريين في أوروبا كانوا يخبروننا أنه… سواء في الأعوام الثلاثة أو الخمسة أو العشرة المقبلة… فكرة أن السلام في أوروبا سيدوم إلى الأبد هي الآن شيء من الماضي”.