إيران والترويكا الأوروبية في نقطة تحول إسطنبول: الغموض النووي مقابل آلية فرض العقوبات

إيران والترويكا الأوروبية في نقطة تحول إسطنبول: الغموض النووي مقابل آلية فرض العقوبات

ينعقد الاجتماع بين إيران والترويكا الأوروبية في إسطنبول الجمعة، وسط التعقيدات التي أفرزتها الحرب الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في حزيران/ يونيو الماضي، وتخلّلها قصف الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان.
وعلى رغم أن أحداً لا يعلق آمالاً عريضة على الاجتماع المرتقب، فإن أهميته تكمن في أنه أول إطلالة ديبلوماسية إيرانية على الدول الثلاث، التي أبدت تفهماً بلغ حدّ التأييد للهجمات الإسرائيلية والأميركية، والتي لا تخفي مواقفها المعارضة لحيازة طهران سلاحاً نووياً.
ويسود التوتر بين إيران والترويكا الأوروبية بسبب تلويح الأخيرة بالعودة إلى مجلس الأمن لتفعيل العقوبات الأممية، التي ألغيت بعد الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف أيضاً بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”، الذي وقعت عليه طهران مع مجموعة “خمسة زائداً واحداً”، التي ضمّت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إلى ألمانيا.
ولا يحق للولايات المتحدة الذهاب إلى مجلس الأمن لتفعيل “آلية الزناد” (سناب باك)، لأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب أميركا من الاتفاق عام 2018، ولا يحق للصين وروسيا استخدام الفيتو في المجلس، وفق ما ينص القرار 2235 الذي رفعت بموجبه العقوبات الأممية عن إيران، واشتمل أيضاً على أنه يمكن أي دولة من الدول الموقعة على الاتفاق طلب تفعيل العقوبات إذا ما وجدت أن إيران تنتهك التزاماتها الواردة في معاهدة حظر الانتشار النووي.   
في الأسابيع التي تلت حرب الأيام الـ12، حذرت إيران من الرد بقوة إذا أحيل الملف النووي الإيراني على مجلس الأمن. ويتكهن خبراء بأن طهران قد تذهب إلى حدّ الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، بعدما كانت “علّقت” تعاونها مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقب الحرب.
وهذا ما يجعل من التلويح الأوروبي بـ”آلية الزناد” مادة متفجرة في اجتماع إسطنبول. وقد استعدت طهران للاجتماع من خلال زيارة وزير الخارجية عباس عراقجي للصين الأسبوع الماضي، وإيفاد علي لاريجاني مستشار مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي إلى الكرملين، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين الأحد.
الترويكا الأوروبية تسابق الوقت، لأن المهلة المحددة لتفعيل العقوبات تنتهي في تشرين الأول / أكتوبر، بحيث إذا تم تجاوز هذا التاريخ لا يعود بإمكانها طلب تفعيل “الآلية”، وسيكون بإمكان روسيا والصين عندها إسقاط أي مشروع قانون لفرض عقوبات أممية جديدة على طهران.
واستبق عراقجي اجتماع إسطنبول بالتشكيك في الدور الأوروبي، معتبراً أن “الدول الأوروبية الثلاث تنازلت عن دورها بصفتها +مشاركة+ في الاتفاق النووي”.
وتتضاعف التوترات المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني، في غياب أيّ استعدادات من قبل طهران أو واشنطن للعودة إلى المفاوضات غير المباشرة، التي عقدت جولات خمس منها قبل الحرب الإسرائيلية. ولا تزال إيران عند موقفها المتمسك بحق تخصيب اليورانيوم على أراضيها، بينما يتبين من مواقف ترامب أنه غير مستعجل لاستئناف المفاوضات، لأنه واثق من أن الضربات الأميركية قد دمّرت البرنامج النووي الإيراني أو على الأقلّ قد أعادته سنوات إلى الوراء.
ولا يلقي الرئيس الأميركي بالاً للتقارير الأميركية، التي تفيد بأن الأضرار التي أصيبت بها المنشآت النووية ليست بالحجم الذي يصوره، وبأن البرنامج الإيراني قد أعيد فقط “لأشهر” إلى الوراء، في حين لا يعرف ما إذا كانت طهران فعلاً قد تمكنت قبل الحرب من إخفاء ما يربو على 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، يقول خبراء غربيون إنها كمية كافية لصنع عشرة رؤوس نووية إذا نجحت إيران في رفع نسبة تخصيبها إلى 90 في المئة.
من المؤكد أن الترويكا الأوروبية تحمل إلى إسطنبول رسالة واضحة، مؤداها إما العودة الإيرانية إلى المفاوضات بأسرع وقت، أو لا مفر من الذهاب إلى مجلس الأمن. وفي المقابل، ستأتي إيران إلى المفاوضات متسلّحة بالغموض النووي.