الضبابية تُحيط بمستقبل رئيس الوزراء الياباني

الضبابية تُحيط بمستقبل رئيس الوزراء الياباني

خيّم الغموض على مستقبل رئيس الوزراء الياباني شيغيرو ‏إيشيبا الاثنين بعدما بدا أن ائتلافه فقد الغالبية في مجلس ‏الشيوخ عقب الانتخابات التي جرت الأحد وشهدت تحقيق ‏حزب شعبوي يميني مكاسب قوية.‏

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية “ان اتش كيه” أنه ‏كان يتوجب على الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي يحكم ‏البلاد منذ عام 1955 وحليفه حزب كوميتو، الفوز بخمسين ‏مقعدا في انتخابات الأحد، لكنهما تخلفا عن ذلك بثلاثة مقاعد.‏

وأعطى الناخبون الغاضبون من التضخم الأحد اصواتهم إلى ‏أحزاب أخرى، ولا سيما حزب “سانسيتو” الذي حقق مكاسب ‏قوية من خلال حملته “المناهضة للعولمة” والمشابهة لبرنامج ‏الرئيس الأميركي دونالد ترامب.‏

وقال إيشيبا لـ”ان اتش كيه” في وقت متأخر الأحد “إنه وضع ‏صعب، وعلينا أن نتعامل معه بكل تواضع وجدية”.‏

وفسّرت وسائل إعلام محلية تعليقات إيشيبا على أنها تعني أنه ‏ينوي البقاء في منصبه رغم النتيجة.‏

وأضاف إيشيبا: “لا يمكننا أن نفعل أي شيء حتى نرى النتائج ‏النهائية، ولكن ما أريده هو أن نكون على إدراك كامل ‏بمسؤوليتنا”.‏

وفي حال مغادرة إيشيبا منصبه، من غير الواضح من قد ‏يتولى منصب رئيس الوزراء الـ11 للحزب الليبرالي ‏الديموقراطي بعد أن أصبحت الحكومة بحاجة إلى دعم ‏المعارضة في كلا المجلسين.‏

ونقل عن هيروشي مورياما، الرجل الثاني في الليبرالي ‏الديموقراطي، قوله إنه يجب تجنّب الفراغ السياسي.‏

 

 

 

زعيم الحزب الديمقراطي الياباني المعارض يوشيهيكو نودا (أ ف ب)‏

 

 

أسعار الأرز
وجرى التنافس في الانتخابات على 125 مقعدا في مجلس ‏الشيوخ الذي يتألف من 248 مقعدا.‏

وكان الائتلاف بحاجة إلى 50 مقعدا، لكن “ان اتش كيه” ‏ووسائل إعلامية أخرى قالت إنه فاز بـ47 مقعدا فقط، حيث ‏نال الحزب الليبرالي الديموقراطي 39 مقعدا وحزب كوميتو ‏ثمانية، ما يمنحهما 122 مقعدا.‏

وحلّ في المركز الثاني الحزب الديموقراطي الدستوري ‏الياباني الذي نال 22 مقعدا من تلك المتنافس عليها، يليه ‏الحزب الديموقراطي من أجل الشعب الذي فاز ب17 مقعدا.‏

وحصد حزب سانسيتو 14 مقعدا.‏

ويعاني الائتلاف الحاكم من تراجع عدد أعضائه أيضا في ‏مجلس النواب، عقب الهزيمة الكبيرة التي تكبدها في ‏الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في خريف العام ‏الماضي بدعوة من إيشيبا نفسه بعد تسلمه قيادة الحزب ‏الليبرالي الديموقراطي في أيلول/سبتمبر.‏

وحذّر تورو يوشيدا أستاذ العلوم السياسية في جامعة دوشيشا ‏قبل الانتخابات من أن اليابان قد تدخل “في مرحلة غير مألوفة ‏مع حكومة أقلية في المجلسين، وهي حالة غير مسبوقة منذ ‏الحرب العالمية الثانية”.‏

وحكم الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي ينتمي إليه إيشيبا ‏اليابان بشكل شبه مستمر منذ عام 1955، مع تعاقب قيادات ‏متعددة عليه.‏

ودفعت نتائج انتخابات مجلس النواب الحزب الليبرالي ‏الديموقراطي وشريكه حزب كوميتو إلى الاعتماد على دعم ‏أحزاب المعارضة الأمر الذي عرقل أجندتهما التشريعية.‏

ولا تزال معدلات التضخم مرتفعة (أكثر من 3,3% في ‏حزيران/يونيو باستثناء المنتجات الطازجة)، مدفوعة بارتفاع ‏هائل في أسعار الأرز التي تضاعفت خلال عام واحد.‏

تعليقا على الأسعار، قالت آتسوشي ماتسورا (54 عاما) من ‏مركز اقتراع بطوكيو إن “الأسعار الأساسية ترتفع لكن ما ‏يقلقني أكثر هو أن الرواتب لا تزيد”.‏

وأعربت هيسايو كوجيما (65 عاما) عن استيائها لتراجع قيمة ‏راتبها التقاعدي، قائلة “لقد دفعنا الكثير لدعم نظام التقاعد، هذه ‏هي المشكلة الأكثر إلحاحا”.‏

وللتخفيف من آثار التضخم، زاد شغيرو إيشيبا المساعدات ‏السكنيّة ومدّد الدعم المقدم في مجال الطاقة وتعهّد تقديم ‏صكوك بقيمة 20 ألف ين (حوالى 120 دولارا) لكل مواطن. ‏كما أطلقت السلطات جزءا من الاحتياطيات الاستراتيجية من ‏الأرز لمحاولة خفض الأسعار، لكنها لم تحقق نجاحا حتى ‏الآن.‏

 

رسوم ترامب ‏
وأدّت الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ‏ترامب إلى تراجع صادرات السيارات إلى الولايات المتحدة ‏بمقدار الربع، وهو قطاع تُفرض عليه واشنطن تعرفة تبلغ ‏‏25%، ويمثّل نحو 8% من فرص العمل في اليابان.‏

ويُفاقم التهديد بفرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 25% ‏اعتبارا من الأول من آب/أغسطس الضغوط على الاقتصاد ‏الياباني الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات.‏

وتبدو المفاوضات مع واشنطن وكأنها وصلت إلى طريق ‏مسدود، رغم قيام المفاوض الياباني بسبع زيارات للولايات ‏المتحدة.‏

وكان شغيرو إيشيبا قد تبنى قبل الانتخابات استراتيجية قصوى ‏طالب فيها بإلغاء كامل للتعرفات الجمركية، ما أثار مخاوف ‏بعض الجهات الفاعلة في قطاع الصناعة.‏

وقال ماساهيسا إندو أستاذ العلوم السياسية في جامعة واسيدا ‏لوكالة “فرانس برس” إن “قدرة الحكومة على إدارة ‏المفاوضات التجارية قضيّة حاسمة، وعلى الحزب الليبرالي ‏الديموقراطي  تعزيز ثقة المواطنين”.‏

تُظهر الأسواق المالية قلقها من الانزلاقات المالية، مع مفاقمة ‏خطط التحفيز والدعم الضخمة التي أطلقتها حكومة إيشيبا ‏مستوى الدين العام الهائل أصلا. وتراجع الإقبال في الأشهر ‏الأخير على إصدارات متعددة من السندات الحكومية، ما أدى ‏إلى ارتفاع حاد في نسبة الفائدة.‏

‏”تشديد القوانين والقيود” ‏
مع تزايد فضائح الفساد التي تلاحق الحزب الليبرالي ‏الديموقراطي، باتت الأجواء السياسية أكثر ملاءمة للمعارضة، ‏إلا أن انقسام أحزاب الأخيرة يضعف فرصها في تشكيل ‏حكومة بديلة.‏

ويحظى صعود حزب “سانسيتو” بمتابعة واسعة.‏

ويدعو الحزب إلى “تشديد القوانين والقيود” المتعلقة بالهجرة، ‏ويعارض “العولمة” وسياسات النوع الاجتماعي “الراديكالية”، ‏ويدعو إلى إعادة النظر في استراتيجيات التلقيح وخفض ‏الانبعاثات الكربونية.‏

في وقت سابق، اضطر الحزب إلى نفي أي ارتباط له بموسكو ‏التي دعمت أحزابا شعبوية في دول أخرى، وذلك بعد إجراء ‏أحد مرشحيه مقابلة مع وسيلة إعلامية روسية رسمية.‏