القضاء يحدد مستقبل نقابة المعلمين الأردنيين… مخاوف مع ترحيب بالقرار

استقبل الأردنيون قرار المحكمة الدستورية قبل يومين، بعدم دستورية قانون نقابة المعلمين الأردنيين، بردود فعل متباينة، إذ ثمة من رحب بقرار المحكمة بوصفه ينهي “اختطاف النقابة من قبل جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي ظلت تستخدم ورقة النقابة والمعلمين لابتزاز الدولة”، في مقابل من يرى أن “نكهة القرار سياسية بامتياز وتأتي في سياق استهداف السلطات لأي حراك معارض، لا سيما الحركة الإسلامية”.
وتزامن قرار المحكمة، مع مضي الأردن في حسم ملف جماعة الإخوان المسلمين التي تم مؤخراً حظرها واتخاذ إجراءات عدة لإنهاء ملفها بالكامل، وسط تلويح بإجراءات قد تطال الذراع السياسي للجماعة وهو حزب جبهة العمل الإسلامي.
وأشارت “النهار” في سياق تقرير لها قبل نحو أسبوع، إلى أن ملف نقابة المعلمين في الأردن، يعد واحداً من أبرز الملفات الساخنة التي من المرتقب أن تتخذ السلطات بشأنها قراراً حاسماً، علماً أن النقابة ومنذ أن رأت النور في العام 2011 واجهت سلسلة أزمات مع السلطات الرسمية تخللها تنظيم إضرابات عن العمل واحتجاجات واسعة، في حين أصدر القضاء في نهاية العام 2020 قراراً بحل النقابة، وذلك إثر عدد من القضايا المرفوعة من قبل الحق العام ضد مجلس النقابة.
وظلت السلطات تنظر إلى نقابة المعلمين بأنها كيان “يمارس استقواءً على الدولة وسط تيار كبير ينتمي إلى تيار الإخوان المسلمين أو يؤيده”، وذلك تحت غطاء الاحتجاجات الواسعة المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية للمعلمين.
وعللت المحكمة الدستورية قرارها بأن “السلطة التشريعية بإصدارها قانون نقابة المعلمين الأردنيين، قد تجاوزت حدود صلاحياتها المنصوص عليها في الدستور معتمدة على الاختصاص الحصري للسلطة التنفيذية الوارد في المادة (120) من الدستور، مما يُعد انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات، يستوجب إعلان عدم دستورية القانون المشار إليه برمته”.
نقابة المعلمين الأردنيين (أرشيفية)
معلمون يعلقون على القرار
بشأن ذلك، استطلعت “النهار” آراء عدد من المعلمين الأردنيين، حيث يقول المعلم عبد الرحمن ياسين إن “النقابة عندما تأسست في العام 2011 كانت أهدافها سامية وتصب أولا وأخيراً في خدمة المعملين وتحسين أوضاعهم وظروفهم المعيشية، بالإضافة إلى خدمة قطاع التعليم ككل، لكنها انحرفت عن أهدافها وأصبحت مسيسة بعد سيطرة قيادات إسلامية عليها”.
ويرى ياسين أن “تلك القيادات وإن كان خطابها المعلن هو تحقيق مكاسب للمعلمين من خلال سلسلة الإضرابات التي تم تنفيذها، إلا أن العارف في بواطن الأمور وسياقاتها يدرك جيداً أن الهدف هو ابتزاز الدولة في إطار ملفات سياسية تخدم الإخوان المسلمين”.
رأي المعلم ياسين يتناقض تماماً مع ما يقوله المعلم أحمد عرفات الذي يؤكد من جهته أن “قرار المحكمة يحمل تسيسياً واضحاً ولا يمكن عزله عن سلسلة الإجراءات التي تتخذها السلطات بحق كل من يعارضها، سواء كانوا إسلامين أو غيرهم من مختلف التيارات الأخرى”.
وأضاف عرفات أن “المحكمة الدستورية ذاتها سبق أن قررت أنه يجوز للموظفين التابعين لنظام الخدمة المدنية في أي وزارة أو هيئة أو مؤسسة حكومية أن ينشئوا نقابة خاصة لهم وإن كانوا من الموظفين التابعين لنظام الخدمة المدنية”، ما يعني أن النقابة حق دستوري.
ومن وجهة نظر المعلم أنس المصري، فإن “القرارات الحكومية الأخيرة بشأن تحسين أوضاع المعلمين يجب أن تنفذ بأسرع وقت وأن تستمر الحكومة في متابعة أوضاع المعلمين، لا أن تكون هذه الخطوة مرتبطة فقط بالتهيئة للإطاحة بنقابة المعلمين”.
وكان رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان أعلن مطلع الشهر الماضي عن “حزمة متكاملة لدعم المعلمين”، إذ أعلن عن تخصيص أراض لإنشاء إسكانات للمعلمين في المحافظات من خلال المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، والتوجه لوضع آلية أوسع وبشروط محسنة لتقديم تمويل ميسر وطويل الأمد وبنسب فائدة مخفضة من خلال صندوق الضمان الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم.
كما أكد رئيس الوزراء أنه سيتم بحث زيادة المكرمة الملكية للمعلمين في الجامعات، بالإضافة إلى زيادة المستفيدين من المنح والقروض لأبناء المعلمين اعتباراً من شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، وكذلك النظر في زيادة نسبة المعلمين في بعثات الحج الأردنية وشمول الزوج أو الزوجة فيها، وغيرها من القرارات والإجراءات.
ويبدي المعلم محمد حسن استياءه مما وصل إليه ملف نقابة المعلمين، قائلا: “كانت النقابة حلم عشرات آلاف المعلمين في الأردن، ولا بد من تأسيس نقابة جديدة بقانون جديد وتكون نقابة مهنية فقط دون أي اشتباك في مع الملفات السياسية، خصوصا أن أعداد المعلمين كبيرة ولا يمثلون تياراً سياسياً واحداً، فضلاً عن أن هناك أحزاب سياسية مرخصة ومتاح للجميع الانتساب إليها، ما يعني أنها هي الواجهة الأنسب للمعلمين لممارسة العمل السياسي، والإبقاء على النقابة بدورها المهني”.
وشدد حسن على أهمية “أن تواصل الجهات الحكومات المعنية، متابعة مطالب المعلمين وتحسين واقعهم، وإلا سينظر المعلمون إلى انتهاء مسيرة النقابة بوصفه ضربة لهم”.
اقرأ أيضاً: دعوات لتدخّل أردني في السويداء… ومصدر رسمي لـ”النهار”: لن يحدث