حكومة العهد في حيرة… بين المتمردين والمحتفلين بالفشل

الانتقادات تنهال على حكومة سلام… من الحلفاء قبل الخصوم؛ في أولى جلسات المساءلة النيابية، وجدت حكومة العهد نفسها في مرمى نيران الحلفاء قبل المعارضين. فبعد خمسة أشهر من بيان وزاري أثار آمال اللبنانيين، وخطاب قَسَمٍ رئاسي تحوّل إلى “ترند” وطني، وظل اللبنانيون يتداولونه ويشنفون به آذانهم مؤمنين حق الإيمان أن الآتي هو ذلك الحلم الذي راودهم لسنين طوال ببلد حر مستقل من الداخل والخارج، تواجه الحكومة اليوم أزمة حقيقية ونفاداً لمخزون الثقة الشعبي والدولي الذي منح لها منذ اليوم الأول.
ما وعدت به الحكومة من إصلاحات شاملة وهيكلية لإنقاذ دولة منهكة، أثار اليوم شماتة المعارضين بعد أداء حكومي باهت نوعاً ما، والمفارقة أن بعض أشد المنتقدين اليوم هم أنفسهم من كان يُفترض أنهم عرّابو العهد، والداعمون الأشدّاء لمساره، سواء من السياسيين أو حتى من الديبلوماسيين المهتمين بالشأن اللبناني. فأصابع التنبيه التي حذرت وتحذر الحكومة مراراً وتكراراً تشير إلى نفاد صبر من دعموها وأيدوها ووضعوا ثقتهم بها. تتكاثر الأصوات المنذِرة بخيبة أملٍ وشيكة، قد تقلب الطاولة على من راهن على “حقبة الإنقاذ” والتخوف الأكبر من نفاد صبر دولي بعد انتظار طويل قد يطيح -إذا استمر- بوعود خارجية للبنان واللبنانيين بحقبة خير جديدة وبـ”لبنان الزمن الجميل”.
في المقابل، لا يُحسد العهد على موقفه. فنقطة البداية التائهة والعالقة، بين مطلب نزع السلاح من الداخل، ووقف العدوان من الخارج، تجعل الخطوات الأولى ضبابية. الخارج يرى في سلاح الداخل تهديداً، وبه يبرر استمرار الاعتداءات والداخل يرى فيها استفزازاً دائماً ومبرراً للتمسك بالسلاح.
وسط هذا التخبّط، ومع تبدّل المزاج الدولي وتراجع منسوب الثقة، وتزامناً مع رسائل المبعوث الأميركي توم براك، والتي فُسّرت على نطاق واسع كتحذيرات مبطنة. يصرّ الرئيس على التمسك بخطاب القَسَم، مؤكداً أنه “باقٍ على العهد، ولن يتهاون” ولن يتنازل عن أي حق لبناني كان قد تعهد به.
يأمل اللبنانيون اليوم أن ينالوا ما أرادوا بعد الظمأ الطويل… وينتظرون خطوة أولى حقيقية نحو النجاة تثبت لهم من جديد أن هذا العهد ليس امتداداً لعقود الخيبة، بل بداية لمسار مختلف… إصلاحيٍّ، سياديٍّ، وبالطبع، مدروس وواقعيّ، علّ وعسى ألا تتأخّر هذه الخطوة، فحينها لا خيبة جديدة وحسب، بل تهديد حقيقي بتراجع في الزخم السياسي داخلياً وخارجياً، ما يفتح الباب أمام تحوّلات في المزاج العام قد تُفضي إلى مسارات سياسية بديلة، وقد تعيد المشهد إلى نقطة الصفر.