وزيرة المالية العراقية تنفي اقتراض 19 تريليون دينار من رجل الدين عمار الحكيم – فحص الحقائق#

تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً يدّعي أنَّ وزيرة المالية العراقية طيف سامي اقترضت 19 تريليون دينار من رجل الدين وزعيم “تيار الحكمة الوطني” عمار الحكيم، من أجل تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين العراقيين. إلّا أنَّ هذا الادّعاء خاطئ، إذ أنَّ صورة الخبر مفبركة، ولم تعلن وزارة المالية اقتراضاً مماثلاً. FactCheck#
“النّهار” دقّقت من أجلكم
في الادّعاء المتداول، قالب إخباري لقناة “العراقية الإخبارية” تضمّن صورة لوزيرة المالية العراقية طيف سامي، مع خبر (من دون تدخّل): “وزيرة المالية تقترض مبلغاً مالياً يقدر بـ19 تريليوناً من عمار الحكيم، لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الحماية الاجتماعية حتى نهاية العام الحالي”.
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)
وقد تحقّقت “النّهار” من الادّعاء، واتّضح أنَّه غير صحيح:
1- لم تعلن وزيرة المالية العراقية طيف سامي، عبر حسابات وزارة المالية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو موقعها الرسمي، اقتراضاً مماثلاً من الحكيم. كذلك لم يشر الحكيم إلى خبر مماثل عبر أي وسيلة إعلامية، منها قناة “الفرات” التابعة له. ولم تنقل أي وسيلة إعلامية قراراً بهذا المضمون عن المالية.
2- قالب أخبار قناة “العراقية الإخبارية” معدّل، إذ تم حذف النص الأصلي منه واستبداله بالمتداول. وتحتوي الصورة الأصلية المنشورة في حساب القناة على منصّة فايسبوك يوم 2 مايو/أيار الماضي، على خبر مفاده: “وزيرة المالية طيف سامي تقدم التهاني لشبكة الإعلام العراقي بـذكرى تأسيس تلفزيون العراق”.
الخبر الأصلي (فايسبوك)
ويتم تداول هذا الخبر الخاطئ، بالتزامن مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية المقرّرة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في ظل جو سياسي ساخن ومتوتّر بين الأقطاب السياسية، تحالف “إدارة الدولة” الذي شكّل هذه الحكومة من جهة، ومقتدى الصدر الرافض للاشتراك فيها من جهة أخرى، بينما تستمر الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل، خصوصاً في ما يتعلّق بالجانب المالي.
وقد مرّت أشهر عدّة على عدم إرسال حكومة بغداد المركزية رواتب موظفي إقليم كردستان بسبب “عدم التزام الاتفاقات المالية المبرمة”، على قول حكومة بغداد.
وفي السياق المالي العراقي، طالب رئيس اللجنة المالية النيابية العراقية النائب عطوان العطواني، في 29 يونيو/حزيران 2025، رئيس الوزراء بالإسراع في إرسال جداول موازنة 2025 إلى مجلس النواب للمصادقة عليها بعد “معالجة المطالب المحقّة للعديد من فئات المجتمع”. وقال إنَّ “قوانين الموازنة الاتّحادية أوجبت على الحكومة إرسال جداول السنة المالية الحالية قبل نهاية العام الماضي”.
وثيقة مطالبة رئيس الوزراء بالإسراع في إرسال جداول موازنة 2025 إلى البرلمان
وقال العطواني، في كتاب المطالبة، الذي نشره في حسابه على منصّة فايسبوك: “نظراً إلى أهمية الموازنة العامّة في رسم المسار الصحيح لمؤسسات الدولة لتنفيذ خططها وبرامجها التنموية وتنشيط حركة الاقتصاد والاستثمار، وأثرها الواضح على تحسين المستوى المعيشي والخدمي للمواطنين، نجدّد التأكيد على الإسراع بإرسال جداول موازنة 2025 إلى مجلس النواب العراقي للمصادقة عليها، إيذاناً ببدء الصرف والإنفاق الحكومي القانوني، وبما يمكّن مؤسسات الدولة من الإيفاء بالتزاماتها، لاسيما في ما يخص إطلاق مستحقّات الموظفين”.
كذلك قال المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح، الجمعة الماضي، في حوار مع وكالة الأنباء العراقية (واع)، إنَّ “قراءة البوصلة المالية التي تطلبت تقديم جداول موازنة 2025 لإقرارها قانوناً بموجب المادة 77/ثانياً من قانون الموازنة، تأخرت بحق لسببين جوهريين، الأول انتظار التعديل الذي طرأ على قانون الموازنة العامة الثلاثية، والخاص بقيم عقود نفط الإقليم وتكاليف نقل نفطه، والتي لم تقر التعديلات إلّا في شباط الماضي”.
أمّا السبب الآخر، فـ”يتعلّق بالتقلّبات التي تعرّضت لها أسواق الطاقة العالمية وتأثيرات أسعار النفط العالمية على الموازنة العامّة، الأمر الذي تطلّب إعادة قراءة بعض ثوابت المالية ومتغيراتها، لا سيما الإيرادات والنفقات وتمويل العجز ومصادره لأكثر من مرة بسبب مشكلات الجغرافيا السياسية والاقتصادية الدولية، وما حصل في الاقتصاد العالمي وبشكل متسارع من قضايا كبرى أدّت إلى توليد صدمات متقلبة في فترات متقاربة من السنة المالية الحالية، الأمر الذي اقتضى التحوط من الصدمات الخارجية”.
ورأى أن “جميع هذه العوامل قادت الى التأخّر في تقديم جداول الموازنة لإعادة النظر في بعض مدخلاتها ومخرجاتها”. ولفت إلى أنَّ “هناك تعاوناً كبيراً ومستمراً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في مراقبة الشأن المالي في البلاد وإدارته بتفهّم وتفاعل عالي الأهمية، لضمان الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده البلاد”.