أوكرانيا وصراع الطائرات المسيّرة… الأقوى يتعلّم من الأضعف

أوكرانيا وصراع الطائرات المسيّرة… الأقوى يتعلّم من الأضعف

“وافق أحدهم على لقائهم في مطعم…، وأعتقد أنه كان اللقاء الوحيد. كانت تجربة مذلّة”.

 

هذا ما قاله مسؤول أوكراني سابق لموقع “شومريم” الإسرائيلي عن تجاهل الإسرائيليين عرضَ الأوكرانيين، قبل 7 أكتوبر، مشاركة خبرتهم مع المسيّرات الإيرانية. بعد هذا التاريخ، تغير الأمر. وقال إسرائيليون إنهم دفعوا أثماناً كبيرة لتجاهل التحذيرات الأوكرانية المبكرة.

 

لا مجال للمقارنة

لم تنجح ريادة أوكرانيا العالمية في تصنيع المسيّرات بجذب اهتمام شركات إسرائيلية وحسب، بل دفعت أصواتاً أميركية إلى حث واشنطن أيضاً على التعلم من كييف. جون فاينر وديفيد شايمر اللذان خدما في مجلس الأمن القومي بين 2021 و2025 أكدا أهمية ذلك في “فورين أفيرز” يوم الاثنين. وكتبا أن “غالبية الدول حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، متخلفة جداً عن الأوكرانيين في هذا الصدد”. متخلّفة في حجم التصنيع وكلفته ونوعيته.

 

تصنّع أوكرانيا مسيّرة قصيرة المدى بنحو 400 دولار، مقابل 100 ألف للمسيّرة الأميركيّة. وبالنسبة إلى النطاق الأبعد، تصبح كلفة المسيّرة الأوكرانية 200 ألف دولار، مقابل الملايين للمسيّرة الأميركيّة. والطائرات الأميركية بلا طيار أقل فاعلية وقدرة على التأقلم بمواجهة أجهزة التشويش الروسية بحسب الأوكرانيين.

 

جندي أوكراني يحمل مسيّرة (أ ب)

 

وعند المقارنة بين عمليتي “شبكة العنكبوت” الأوكرانيّة ضد القاذفات الروسية، و”الأسد الصاعد” التي تضمنت هجوماً إسرائيلياً بالمسيرات من داخل إيران، بدت الأولى أكثر تعقيداً تكنولوجيّاً بحسب الباحث الإسرائيلي دانيال راكوف. بإمكان واشنطن أيضاً تعلّم إغلاق الثغرات في دفاعاتها عبر التنسيق مع الأوكرانيين وفق فاينر وشايمر.

 

لإيران مفاجآتها أيضاً

لم تكتفِ طهران بمدّ روسيا بالآلاف من الطائرات بلا طيار، بل نقلت إليها أيضاً التكنولوجيا ذات الصلة. لدى إيران “واحد من أوسع برامج المسيّرات حول العالم”، كما كتب خبراء التكنولوجيا مايكل هوروفيتز ولورين كاهن وجوشوا شوارتز أيضاً في “فورين أفيرز”.

 

جنديان روسيان يسيّران طائرة بلا طيار (أ ب)

جنديان روسيان يسيّران طائرة بلا طيار (أ ب)

 

تستخدم روسيا مسيّرات “شاهد-136” تحت اسم “جيران-2” مع تعديلات. وعثر الأوكرانيون مؤخراً بين الحطام، على مسيّرة بمنصّة حوسبة مدعومة بالذكاء الاصطناعيّ اشتبهوا بأنها إيرانيّة الصنع بحسب تقرير لوكالة “أسوشيتد برس”. وتضمنت أيضاً تكنولوجيا إيرانية للحماية من التشويش. ومن بين الطائرات الإيرانية بلا طيار ما هو نفّاث، ويعمل بتقنية منخفضة الكلفة بحيث يصعب استبدالها، وهي شبيهة بالتكنولوجيا التي تحرّك بعض الصواريخ الإيرانيّة.

 

منذ أقدم جنكيز خان على ذلك

بطبيعة الحال، لا يتقدم الأضعف على الأقوى في كل النواحي العسكرية. في نهاية المطاف، أنفقت أميركا نحو 1.5 مليار دولار لتطوير برامج الدرونز الأوكرانية، خصوصاً بعد فشل هجوم كييف المضاد. هذا في وقت تحمّل روسيا مسيّراتها متفجرات أقوى، بينما تُظهر قدرة كبيرة على مستوى تقنيات التشويش والدمج.

 

لن تستبدل الطائرات بلا طيار المعدات الثقيلة بشكل كامل، فهي لا تحمل القنابل الخارقة للتحصينات مثلاً. وبسبب عدم تمتعها بأسطول جوي حديث، لم تستطع إيران ضرب مراكز إسرائيلية بشكل مكثف ودقيق. وتقول إسرائيل إنها أسقطت الغالبية الساحقة من المسيّرات الإيرانيّة.

 

يتفق الخبراء على أنه سيتحتم على الجيوش الدفع بالأسلحة الثقيلة التقليدية وبالمسيّرات معاً لخوض الحروب المستقبليّة بنجاح. مع ذلك، يبقى أن ما قدمته إيران، وخصوصاً أوكرانيا التي باتت تصنّع الملايين من المسيّرات سنوياً، قادر على شرح الكثير من متغيّرات الحرب:

 

في شباط/فبراير الماضي، قال الرئيس السابق لشركة “بلاكووتر” الأمنية إريك برِنس إنّ النزاع بين روسيا وأوكرانيا “سرّع الحرب” بوتيرة لم يشهدها العالم “منذ أن وضع جنكيز خان الركائب على الخيول”.