تصاعد التوتر في البحر الأحمر… هل تخطط الولايات المتحدة لعمليات ضد الحوثيين؟

عاد التصعيد في الشرق الأوسط ليطلّ من بوابة البحر الأحمر، مع عودة الحوثيين لاستهداف سفن غربية وإغراقها وخطف طاقم أفرادها، وهو تصعيد نوعي استجدّ بعدما كانت الجماعة اليمنية قد توقفت نسبياً عن قصف السفن إثر تفاهم مع الولايات المتحدة في أيار/ مايو الماضي، وركّزت نشاطها العسكري على إسرائيل، وربطت التهدئة بوقف النار في غزّة.
هذا التصعيد المستجد يفتح الأسئلة على الأسباب والأفق، فما سبب عودة الضربات ضد السفن في هذا التوقيت الحسّاس بعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية المباشرة والحديث عن مفاوضات مرتقبة بين طهران وواشنطن من جهة، وفي ظلّ مساعي التوصّل إلى وقف إطلاق نار في غزّة من جهة أخرى؟ وكيف سيكون ردّ المجتمع الدولي والولايات المتحدة خاصة؟
إبراهيم جلال، الباحث المتخصّص في أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن في مركز “كارنيغي” يتحدّث لـ”النهار” عن توقيت التصعيد الحوثي والدوافع، ويشير إلى ثلاث نقاط أساسية:
– الدافع الأول محاولة إيران إعادة التموضع في الإقليم بعد الضربات القاسية التي تلقتها ومحورها من إسرائيل وجعلتها في حالة ضعف، وقبل المفاوضات المرتقبة مع الولايات المتحدة، وسعي إيران لإرسال رسالة بشأن قدرتها على التأثير على أمن البحر الأحمر والملاحة، وهذه ورقة دائمة وفاعلة تلجأ إليها إيران، خصوصاً أن جماعة الحوثي هي الأكثر تماسكاً ضمن الحلقة الدفاعية الإيرانية.
إنقاذ عناصر سفينة استهدفها الحوثيون ( ف ب).
– الدافع الثاني داخلي يمني، فالحوثي يريد تشتيت الرأي العام الداخلي بعد مقتل الداعية الشيخ صالح حنتوس على أيدي قوات تابعة للجماعة، وهو الاغتيال الذي أثار ضجّة واسعة في المنطقة وعلى الصعيد الإسلامي، وبالتالي إلهاء المجتمع اليمني عن الحادثة.
– الدافع الثالث مرتبط بسردية مناصرة غزّة، وتحاول جماعة الحوثي استغلال التوقيت الحالي في ظلّ الحديث عن اتفاق محتمل لوقف النار في القطاع، وتسجيل موقف وتدعيم سرديتها بمناصرة “حماس”.
إلى ذلك، تتجه الأنظار نحو أفق التصعيد واحتمال توجيه الولايات المتحدة وإسرائيل ضربات قاسية ضد الحوثيين، كالحملة التي شنّها الطرفان قبل أشهر قليلة دّمرت خلالها بنى تحتية عسكرية أساسية للجماعة اليمنية المقرّبة من إيران، لكن في هذا السياق، تستبعد التقارير اتجاه الولايات المتحدة إلى تصعيد ضد الحوثيين، وتقول إن البنتاغون لا يخطّط لشنّ ضربات جديدة.
جلال يشارك هذا الرأي أيضاً، ويستبعد حملة عسكرية دولية ضد الحوثيين في هذا التوقيت، ويردّ الأسباب إلى سياسة ترامب التي تفضّل في الوقت الحالي ضبط النفس وتحقيق المكاسب والحلول الموقتة، وذلك يتناسب مع اتجاه ترامب بمفاوضة إيران من جهة، والرغبة في وقف النار في غزّة من جهة أخرى، لكن يبقى التصعيد مرتبطاً بالممارسات الحوثية واحتمال تطوّرها.
في هذا الإطار، ثمّة سؤال يدور في الأفق، ينطلق من الواقع الذي وصلت إليه إيران ومحورها بسبب التصعيد ضد إسرائيل والولايات المتحدة: ألم يتعظ الحوثيون من تجربة “حزب الله” وإيران؟ يجيب جلال عن هذا التساؤل، فيشير إلى أن الجماعة اليمنية “مغامرة وتنتعش في حالة الحروب، ومشاريع السلام لا تخدمها لأنها تفرض عليها مواجهة استحقاق الرأي العام اليمني، وهو أمر يخيفها”.
في المحصلة، فإن التصعيد في البحر الأحمر ظرفي ومرتبط بتوقيت ما قبل المفاوضات الأميركية – الإيرانية ووقف النار المحتمل في غزّة، ومن غير المرتقب أن يشهد تصعيداً لأن الأطراف مجتمعة لا ترغب في هذا التصعيد، إلّا أن المنطقة تعيش في حالة “غير قابلة للتوقع”، والحسابات تتبدّل بسرعة على المقياس الإسرائيلي، وبالتالي لا شيء محسوماً.