عامر الحاج في ‘بودكاست مع نايلة’: أنا قائد، لا أعتبر نفسي مديراً

في لقاء استثنائي ضمن “بودكاست مع نايلة”، حلّ الرئيس التنفيذي لـ”WPP Media” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عامر الحاج، ضيفاً على رئيسة مجموعة “النهار” الإعلامية نايلة تويني، حيث روى قصّة نجاحه الاستثنائية ومحطات تحوّله من شاب لبناني يحمل ألفي دولار في جعبته، إلى قيادة واحدة من أكبر شركات الإعلام في المنطقة.
وُلد عامر الحاج في جنوب لبنان، ودرس في جامعة الروح القدس – الكسليك، حيث أسهمت البيئة الأكاديمية والأساتذة، وتحديداً أحدهم الذي فتح له باب الانتقال إلى السعودية، في تشكيل مساره المهني. في سنّ الثانية والعشرين، غادر لبنان إلى الخليج حالماً بمستقبل أفضل، فبدأ رحلته من الصفر. “سافرت إلى السعودية ومعي دين بقيمة 2000 دولار، وليس حتى مبلغاً في جيبي”، يقول عامر، مضيفاً أن العام التالي شهد أول انتصار حين أعاد المبلغ إلى صاحبه.
لم يؤمن عامر يوماً بالألقاب، بل بالدور. “الرئيس التنفيذي ليس لقباً، بل دور يتطلّب خبرة وتعاملاً إنسانياً وفهماً عميقاً للسوق”. لم يرَ نفسه يوماً “المدير”، بل “القائد” الذي يبني ثقافة ويزرع رؤية. وقد نجح في غضون 15 شهراً فقط في تغيير سمعة وثقافة “WPP Media”، معززاً بيئة عمل إيجابية ونموّاً ملموساً. “البصمة التي تركتها في الشركة كانت في روح الفريق قبل الأرقام”، يؤكد عامر موضحاً أن خطته للتغيير بدأت منذ اليوم الأول، واضعاً أمامه تحدياً: إحداث فرق في أول 100 يوم، أو الانسحاب.
عندما سألته نايلة عن التحدّي الأكبر الذي واجهه، قال إن أصعب ما واجهه كان “إقناع الفريق بأن التغيير ضروري”، مشيراً إلى أنه اضطرّ إلى تغيير بعض الأشخاص واستبقى من آمنوا بالرؤية الجديدة واستعدّوا للعمل. يؤمن بأن القائد الناجح هو من يكون قريباً من فريقه، يسمع أكثر ممّا يتكلّم، يغيّر رأيه عند الحاجة، ويبقي بابه مفتوحاً دائماً لكل من يملك سؤالاً أو فكرة.
ينصح عامر الشباب بأن يعملوا على أنفسهم، أن يجرؤوا على الحلم والمجازفة، وأن يتحلّوا بثقة بالنفس متزنة، لا تطغى عليها الكبرياء. “لا تنتظر الراتب الكبير لتبدأ، بل ابدأ من حيث أنت واصنع الفرص”، ويضيف أنه يحب الجيل الجديد ويرى فيه طاقة عظيمة، لكنه يشير إلى مشكلة في منطقتنا، وهي “الخوف من التغيير والرقمنة”.
عامر الحاج ضيف “بودكاست مع نايلة“.
الذكاء الاصطناعي، كما يراه عامر، ليس تهديداً بل فرصة. “يساعدني كثيراً، ويختصر من وقتي وجهدي. لكنه لا يُغني عن التفكير، بل يتطلّب مدخلات ذكيّة”، يقول موضحاً أن شركته استثمرت 300 مليون دولار في أدوات الذكاء الاصطناعي لتسريع العمل وتحسينه، لكن “من لا يتعلّم ويتطوّر، لن يجد لنفسه مكاناً”.
عامر يرفض الاحتكار، ويؤمن بالمنافسة الشريفة كوسيلة لتطوير الذات والابتكار. ويردّد قول الراحل أنطوان شويري: “إن لم يكن المحتوى جيداً، فلا فائدة من أيّ وسيلة إعلام”. في رأيه، المحتوى هو الأساس، ومعه تأتي القيمة الحقيقية لأيّ منصّة أو وسيلة.
ورغم انشغاله بقيادة مؤسسة إقليمية كبرى، لا يغفل عامر عن أهمية التوازن بين الحياة والعمل، ويرى أن العمل يجب أن يكون شغفاً، وليس عبئاً. “حين أشعر بأني لم أعد أستمتع بالذهاب إلى المكتب، أفضّل البقاء في المنزل”، يقول، مؤمناً بأن بيئة العمل الإيجابية تنعكس على سلوك الموظفين ورضاهم.
بعيداً عن الإدارة، تظهر في شخصية عامر لمحات إنسانية وعفوية. يقول ضاحكاً إن الشيء الوحيد الذي قد يغيّره في حياته هو سيارته. أما عن نفسه، فيعترف بأنه يعمل على تخفيف عصبيته، مشدّداً على أهمية أن يعرف الإنسان نفسه جيداً ليعيش بسلام داخلي.
ويختم عامر الحاج قائلاً: “قهوتي مرّة، والحياة نصّ بنصّ. في المرّ، أعطيها وقتها، فالوقت يحلّ كل شيء، وفي الحلو، أعيش اللحظة ولا أفوّت ساعة بَسط”. ممتنّ لأسرته المتواضعة التي نشأ فيها، ولرحلته التي صنع فيها ذاته بيده، لا يرى في حياته سوى الإيجابي، ويرى في كل لحظة فرصة جديدة للتعلم والنموّ.