الإمارات تعزز ربط الشبكات الكهربائية في الخليج.. طاقة موحدة لتحقيق الأمن المشترك

الإمارات تعزز ربط الشبكات الكهربائية في الخليج.. طاقة موحدة لتحقيق الأمن المشترك

في قلب التحولات العالمية  لمشهد الطاقة، تبرز دولة الإمارات العربية قوة دافعة نحو إرساء نظام طاقوي خليجيّ أكثر ترابطاً واستدامة، إذ تمضي بثبات في تنفيذ مشروع توسعة الربط الكهربائي الخليجي، في خطوة استراتيجية لا تقتصر على تعزيز أمن الطاقة فحسب، بل تُمهّد أيضاً لتأسيس سوق كهرباء موحّدة بين دول مجلس التعاون، تُعزز مسار التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة على مستوى المنطقة.

 

ويعكس هذا التوجّه رؤية بعيدة المدى تتجاوز حدود الاستثمار في البنية التحتية إلى بناء نموذج إقليمي للطاقة قائم على المرونة، الكفاءة، والاستدامة، بالإضافة إلى دعم جهود التحول نحو الطاقة النظيفة، بما ينسجم مع استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، ويفتح الباب أمام تحولات نوعية في إدارة موارد الطاقة الخليجية وتبادلها.

تمويل استراتيجي لأمن الطاقة الإقليمي

في هذا الإطار، أعلن صندوق أبوظبي للتنمية عن توقيع اتفاقية تمويل مع هيئة الربط الكهربائي الخليجي بقيمة 752 مليون درهم إماراتي (205 ملايين دولار أميركي)، لتمويل مشروع توسعة الربط الكهربائي الخليجي مع شبكة دولة الإمارات وتطويره.

 

ويهدف هذا التمويل إلى دعم أمن الطاقة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ورفع كفاءة الشبكة وتعزيز فرص تجارة  الطاقة وتبادلها، بما يسهم في تحقيق تكامل اقتصادي وتنموي أوسع في المنطقة.

 

ويُمثل المشروع خطوة محورية نحو تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، التي تركّز على بناء منظومة طاقة مرنة ومستدامة تُعزّز من تنافسية الاقتصاد الوطني وتدعم التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

 

صندوق أبوظبي للتنمية يوقع اتفاقية تمويل مع هيئة الربط الكهربائي الخليجي (وكالات)

 

بُعد اقتصادي وتكاملي طويل الأمد

وبحسب الدراسات الفنية والاقتصادية، ينسجم المشروع مع الخطط الاستراتيجية لهيئة الربط الكهربائي الخليجي، ويعدّ مكمّلاً لمسار التعاون الإقليمي في قطاع الطاقة، إذ يُسهم في ضمان استقرار الإمدادات، وتوفير بنية تحتية طاقوية مرنة تخدم الأجيال القادمة.

تعقيباً على ذلك، تؤكد أستاذة الاقتصاد والطاقة الدكتورة وفاء علي لـ”النهار” أن المشروع يعكس سعي الإمارات لتكون “رائدة في مجال الطاقة بامتياز”، بمشروع الربط الكهربائي فى الخليج من أجل ضمان الاستدامة فى واحد من أهم الملفات الاقتصادية؛ وذلك عبر إنشاء نواة حقيقية لسوق كهرباء خليجية  موحدة تضمن الاستدامة وتمنح مرونة في إدارة ملف الطاقة.

وتضيف أن التمويل الإماراتي للمشروع يُعد نموذجاً لتكامل الجهود الخليجية في مواجهة تحديات أمن الطاقة، وأن المشروع يُمهد لنقلة نوعية في إدارة الإمدادات، وتوزيع الأحمال، وتنويع مصادر الطاقة في دول الخليج، ولا سيما مع ما توفره الإمارات من جاهزية بنية تحتية، وطاقة استيعابية عالية، وإرادة تنفيذية قوية.

تفاصيل المشروع

يرتكز المشروع على تطوير شبكة الربط الكهربائي بين الإمارات وبقية دول الخليج وتوسعتها. ويشمل إنشاء خط هوائي مزدوج الدائرة بجهد 400 ك. ف.، يمتد على مسافة 96 كيلومتراً، يربط محطة “السلع” في الإمارات بمحطة “سلوى” في المملكة العربية السعودية. كذلك يتضمن المشروع توسعة ثلاث محطات رئيسية هي: السلع، سلوى، وغونان التابعة للهيئة، مع توسعة معدات التحويل، وأنظمة الحماية والتحكم، بما يعزز موثوقية الشبكة وكفاءة أدائها.  

 

ومن المقرر أن يبدأ المشروع في الربع الثالث من عام 2025، على أن يتم الانتهاء منه في الربع الثالث من عام 2027.

 

تكامل خليجي

تشير علي إلى أن بناء شبكة طاقة موحدة سيكون له أثر بالغ على استقرار الأسواق، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، كما يدعم مستهدفات البيئة والتنمية المستدامة، ويعكس التزام الإمارات الفعلي بمخرجات “كوب 28”. 

وتضيف أن مستقبل الطاقة لدول مجلس التعاون الخليجي أصبح مرتبطاً بهذا المشروع الذى يمثل استقراراً لكفاءة استدامة الطاقة.

استدامة استراتيجية

 تمثل هذه الخطوة بداية فعلية لإعادة صوغ خريطة الطاقة في المنطقة، من خلال مشاريع ربط حديثة، وخطط تمويل مدروسة، وتكامل سياسات الطاقة في الخليج. لذلك، لا تكتفي الإمارات عبر دعمها مثل هذه المبادرات بدور الشريك، بل تبرز كمحرك رئيس لمستقبل الطاقة في المنطقة، وتؤسّس لمسار خليجي طاقوي جديد، يُبنى على الاستدامة، والتكامل، والتخطيط البعيد المدى.