في أرض الأضواء المت shattered | النهار

ليليان يمّين
لم تكن جبهة،
ولا كان في الحنجرة نداء.
لم تكن ساحة معركة،
كان نهارًا عاديا،
والناس يكملون ما بدأته الحياة من اليومي الترتيب.
امرأة تُنقّي العدس،
طفلٌ يُجمّل واجبه بخربشات الشمس،
شابٌ يخبّئ وجعه في حقيبة عمل،
وصبيةٌ تنقّط حلمها على دفتر.
شيخٌ يشتري الرغيف،
ويهمس للوقت: كن بطيئًا.
لكن…
من غير بابٍ ولا طلقة،
دخلت العتمةُ.
نزل الغبار، لا ليُخفي الأشياء،
بل ليأخذ العيون.
انفجرت الآلة الصغيرة،
تفتّت الزجاج،
وما انكسر، لم يكن مرآة فقط…
بل الضوء نفسه،
ذلك الرفيق الذي لا نُسلّم عليه،
إلا حين يغادر.
جريمة البيجر.
لا أحد يعرف نُطقه جيدًا،
لكن الجميع يعرف صوته في العمى،
ويحفظون لون الليل الجديد
الذي صُبَّ على العيون، دفعةً واحدة.
لم تكن قذيفة،
ولا كان في الأفق صاروخ.
كانت مادةً غادرة،
كأنها حقدٌ خالصٌ بلا ملامح،
انفجرت في وجه الحياة.
في الطرقات،
أجساد تتلمّس الهواء،
تعرف صوتَ الأشياء ولا تراها،
تتحسّس الوجوه كما لو أن الحبّ
صار يُقرأ بالأصابع وإن بترت فبالأنين فقط.
قلوبٌ مكسورة،
وأرواحٌ تتلمّس وطنًا من لمسٍ،
وصبرٍ…
وصمتٍ لا يشبه الصمت.
لم تكن الجريمة ضدّ مقاتلين،
بل ضدّ فكرة:
أن ترى.
أن تتواجد.
أن تقول: “أنا هنا” أريد وأدعم،
أنا جزءٌ هنا من كلّ هناك.
الذين أُصيبوا، لم يكونوا جنودًا،
كانوا يحملون آلات خفيفة،
لا تُطلق رصاصًا،
بل تلتقط حضورهم وتعاضدهم.
ورغم ذلك،
حكموا عليهم بالعمى.
كأن النظر جريمة.
كأن التواصل جبهة.
كأنّ الإنتماء إلى شارع يستحق،
التفجير.
من أين يأتي هذا المنطق؟
من أيّ قلبٍ يتسرّب كل هذا العمى.