العلامة الراحل فضل الله في ذكرى رحيله: إذا استوعبنا عمق قوله “هدفنا التحرير وليس الاستشهاد”
محمد عبدالله
أكثر من لقاء صحافي وحواري جمعني بالعلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله في حضور مستشاره الآدمي الخلوق هاني عبدالله، شعور غريب يتولد داخل أي شخص يجالسه، وهو بحر من العلوم والمعرفة والرؤى الحكيمة،
يستمع الى محاوره بإتقان ومن ثم تكون الإجابة فكرية سياسية ثاقبة مفعمة بالتحليل المبني على اطلاع واسع…
“هدفنا التحرير وليس الشهادة”، عبارة قالها منذ عقود، تجسد مرحلة صعبة وعصيبة على اللبنانيين منذ ما بعد التحرير عام 2000 الى يومنا هذا…
الرجل ذو القامة الكبيرة والهالة المهابة، يرى أبعد منا لعقود تأثير ما يقوله ويعنيه!
كثيرون من اللبنانيين يعبرون بحسرة عما وصل اليه الوضع في لبنان، من حروب ودمار ومشاحنات مع الدول العربية، ويرغبون لو بقي الأمر في انتصار عام 2000 حينما انسحبت إسرائيل من لبنان .
لو توقفنا حينها عند ذلك الانتصار الحقيقي الذي حققه شباب لبنانيون يؤمنون بأرضهم… لكان ذلك انتصارنا الحقيقي.
لو توقفنا حينها ولم ندخل سياسة المحاور واعترفنا بأن الغاية كانت التحرير وليست الشهادة .
لو توقفنا في ذلك التاريخ ووفرنا على لبنان واللبنانيين ما يعانوه اليوم من انهيار اقتصادي وسياسي وامني.
لو توقفنا يومها واعتنقنا دين الحوار والتلاقي والتواصل في ما بيننا …
لو توقفنا يومها عن القتال واتجهنا لبناء الدولة القوية العادلة، دولة المؤسسات والقانون، دولة تؤمن لأبنائنا العيش بكرامة وحقوقاً مصونة.
ماذا لو؟ سؤال يسأله كل مواطن لبناني يفكر في إيجابية الحياة ويستلهم من فكر العلامة الراحل ثقافة الحياة والحوار.
غير ان العلامة الراحل كان يعي ما يقوله، وما يحذّر منه لانه يعلم أن العدو لا يريد دولة قوية في لبنان .
كان يعلم أن الطريق التي يسلكها البعض، من حيث يقصد هذا البعض أو لا يقصد، ستؤدي بنا إلى ما يخدم العدو ويحقق ما يريده من دولة محطمة منهارة… ومن ثم منزوعة السلاح !
“لبنان ساحة خصبة لكل الاستخبارات في العالم”، عبارة أثرت فيّ كثيراً قالها يوماً العلامة الراحل في أحد لقاءاتنا، ولم افهمها إلا بعد نحو ثلاثين عاماً من الحروب والمحاور التي مرت على لبنان .
سؤال يحمل كلمة “لو” سنظل نعيده ونكرره بألم وندم، ولكن السؤال الأهم: ماذا لو أصرّ البعض على متابعة ما انتهجه منذ التحريرعام 2000 الى اليوم؟ هل سيبقى لبنان؟ لعل من يتعظ ويرى أبعد من محاوره المدمرة!