في نورماندي، ديفيد لينش كمخرج وفنان في معرض جديد

في نورماندي، ديفيد لينش كمخرج وفنان في معرض جديد

أوراس زيباوي

يُخصص معرض استعادي شامل لرسوم المخرج الأميركي ديفيد لينش للمرة الأولى في فرنسا، بعد المعرض الذي أقيم له عام 2007 في مؤسسة كارتييه الثقافية.

رحل ديفيد لينش (1946-2025) مطلع هذا العام بعد أن فرض نفسه واحدا من عمالقة السينما في هوليوود بسبب أسلوبه الفريد في السرد وتعامله الجريء مع أدوات الفن السينمائي.
يكشف المعرض الجديد في مركز دوشان للفن المعاصر في مدينة Yvetot الصغيرة في منطقة النورماندي، أن المخرج الأميركي كان عاشقا للرسم والفنون التشكيلية منذ سنوات الطفولة. خمسون محفورة بالأسود والأبيض تختصر عالمه الخاص وهواجسه التي نجد صدى لها في أفلامه.

 

المرأة الغيمة.

 

قبل سنوات من احترافه السينما، درس الفنون التشكيلية في أكاديمية الفنون في بنسلفانيا خلال الستينات من القرن الماضي واكتشف نتاج فنانين كبار طبعوا مسيرة الفن الحديث ومنهم الروسي فلاديمير كاندينسكي والبريطاني فرنسيس بيكون والأميركي إدوارد هوبر والفرنسي مرسيل دوشان.
أنجز ديفيد لينش المحفورات الحجرية المعروضة اليوم بين 2007 و2020 وطبعها في محترف باريسي مشهور بحرفيته العالية. كان يتردد سنويا مرات عديدة على العاصمة الفرنسية التي أحبها وارتبط بصداقة مع العديد من نقادها الفنيين ومنهم ألكسندر مار، مدير مركز الفن المعاصر في مدينة إيفتو. وكان اتفق مع هذا الأخير قبل وفاته أن يقام معرض لرسومه في المركز.

ولم يطرأ تعديل على الاتفاق مع ورثته وتم اختيار نماذج مميزة من المحفورات التي أنتجها بالمئات وعكست عوالمه الغريبة والصادمة والمقلقة في آن.

تروي كل محفورة قصة وهي مرصعة بالعبارات والأسماء التي تستمد قوتها من هواجس الفنان، كما فيها إشارات الى الفنانين الذين تعلم منهم ونهل من تجاربهم. وإذا كانت أفلام ديفيد لنش تتمتع بشهرة عالمية وحازت أرفع الجوائز في المهرجانات السينمائية، فإن رسومه تبقى معروفة لدى نخبة قليلة من محبي الفنون وتكشف عن جوانب أقل شهرة في مسيرته الإبداعية.

 

داخل المعرض.

داخل المعرض.

 

يؤكد المعرض أيضا أن لينش كان فنانا شاملا، فهو، في موازاة الرسم والسينما، كان كاتبا وعازفا للموسيقى، لكن الفنون التشكيلية كانت الأقرب إليه منذ بداياته، ومنها عبر الى السينما. لا بد من الإشارة الى الجانب السوريالي في رسومه المعروضة، فهي تمزج بين الاشارات الغرائبية المتعددة التأويل والجماليات ذات الطابع الكابوسي أحيانا، كما تعبر عن الجانب المظلم في النفس البشرية. 

ميزة المعرض أنه مقام في منطقة النورماندي بعيدا من صالات العرض الكبرى والمتاحف العالمية في باريس، ومن المتوقع أن يزوره المصطافون من هواة الفنون الذين يقصدون بالآلاف هذه المنطقة بحثا عن الجمال الطبيعي وسط الغابات الخضراء وقريبا من بحر المانش.