المأساة القاتلة في 5 جويلية بالجزائر… الملاعب تأخذ أرواح المشجعين

أدت وفاة 3 أشخاص وجرح عشرات من مشجعي فريق مولودية الجزائر إثر سقوطهم من المدرجات العلوية لملعب 5 تموز/ يوليو بالعاصمة الجزائرية، إلى فتح نقاشات متكرّرة حول من تقع عليه مسؤولية تلك الأرواح التي باتت تُزهق لمجرّد حضورها مباراة كرة قدم.
الأفراح التي عمَّت مدرجات الملعب الذي اكتظ بأكثر من 80 ألف مشجع احتفاءً بتتويج المولودية بلقب الدوري التاسع في تاريخه والثاني توالياً، تحوّلت في ظرف ثوانٍ معدودات، إلى أحزان وصدمة ألغت معها مراسم التتويج.
الأفراح تحوّلت إلى أحزان في الجزائر. (وكالات)
وأظهرت الفيديوهات المُنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لحظة تدافع المشجعين الذي أدى إلى سقوط عشرات منهم سقوطا مميتاً، في حين أبرزت صور وفيديوهات أخرى تآكلاً مسَّ بعض المثبتات وصدءاً وحالة يرثى لها للسياج الفاصل بين المدرجات العلوية والسفلية، ما فتح المجال أمام العديد من التحليلات المفضية إلى تحميل المسؤولية لإدارة الملعب.
ويرى الإعلامي الرياضي محمد محمودي، أنّ مسؤولية “مأساة مباراة مولودية الجزائر ونجم مقرة تقع على القائمين على ملعب 5 تموز/ يوليو”.
وأضاف في حديث الى “النهار”، أنّ “المُفترض إعلاق الملعب قبل هذه المباراة وإخضاعِه للصيانة الكاملة بما فيها إصلاح الأرضية والمدرجات”، موضحاً أنّ “المباراة ختامية واحتفالية بتتويج المولودية وتسليم الفريق درع الدوري، لذا كان من الضروري التحضير الجيد لها وتجند الجميع من كل النواحي”.
ويؤكد أنّ منح درع الدوري في يوم آخر بتنظيم نوعي وأحسن كان سيُمكِّن من تجنب ما حدث، بخاصة أنّ فريق مولودية الجزائر معروف بشغف جماهيره وحضورها الكبير.
ويقول محمودي إنّ “ما شيّدته الدولة الجزائرية من ملاعب ذات معايير دولية خلال السنوات الخمس الأخيرة يُحسب لها”، بحيث أضحى المشجعون الحاضرون سواء لمباريات المنتخب أو لمباريات فرقهم المفضلة، يعيشون أجواء المباراة في راحة تامة بعيداً من كل المخاطر، “وهو ما لمسناه وعايشناه في كل من ملاعب نيلسون مانديلا وحسين آيت أحمد بتيزي وزو وميلود هادفي بوهران وغيرها من الملاعب الأخرى، غير أنّ ما وقع هذا الأسبوع في ملعب 5 تموز/ يوليو يدفع المسؤولين على الرياضة في البلاد إلى إعادة التفكير في طرق تسيير هذه المنشآت الرياضية”.
ويُحيل محمودي مسؤولي كرة القدم في الجزائر إضافة الى مسيّري الأندية والفرق ومالكيها وكذلك مدراء الملاعب، على الملاعب الأوروبية حيث جودة التنظيم وحسن التدبير، ويقول: “وجب وضع المناصر في أحسن الظروف عبر توفير شروط الراحة والسلامة انطلاقاً من دخول الملعب إلى لحظة الخروج منه، فضلاً عن اعتماد بطاقات اشتراك طوال الموسم ليتسنَّى مرافقة فريقهم وبالتالي تخفيف الضغط على الجميع”، مُشيراً إلى ضرورة “توقيع أقسى العقوبات على المُشاغبين ومُثيري الشغب وأيضاً تسليط عقوبة اللعب بلا جمهور على الفرق التي يستعمل أنصارها العنف، لنصل إلى أندية مُحترفة حقاً ومشجعين في أريحية تامة داخل الملعب وخارجه”.
أما الإعلامي الرياضي في قناة الجزائر الدولية كريم بلعربي، فيرى أنّ مسؤولية ما وقع هذا الأسبوع في ملعب 5 تموز/ يوليو مُشتركة، ويتابع أنّ “العبء الأكبر يقع على القائمين على تسيير الملعب وتنظيم المباراة”.
ويؤكد في حديث الى “النهار”، أنّ “تشييد ملاعب بمعايير عالمية يجب أن يقابله تنظيم بمستوى عالمي، يعني فتح كل أبواب الملاعب، رقابة صارمة، تنسيق محكم بين الأمن والمنظمين”، مضيفاً أنّ مسؤولية إدارة الملعب “لا تنفي سلوك بعض المشجعين وتجاوزاتهم”، لافتاً إلى أنّ “السلامة مسؤولية جماعية تنطلق من الإدارة وتنتهي بالتوعية والتنظيم المُحكم للمباريات، ولاسيما الكبيرة منها”.
ودعا إلى “الاعتراف بالخطأ وفتح تحقيق جدّي وتحديد المسؤوليات، لننتقل بعدها إلى الإصلاح الحقيقي ووضع حدٍّ لهذه الظاهرة التي تتزايد من موسم إلى آخر”.
ويعتقد أنه “آن الأوان لتدريب أعوان مؤهلين للملاعب، دورهم ومهمتهم الأساسية تنظيم المشجعين داخل الملعب قبل المباريات وفي أثنائها وبعدها”، مؤكداً ضرورة “اعتماد تقنياتٍ حديثة لمراقبة الأنصار وإذا اقتضى الأمر منع المشجعين المشاغبين من دخول الملعب لفترة محددة أو مدى الحياة حسب كل حالة، ضماناً لأمن الجميع وسلامتهم”.