هل تضع حرب إسرائيل مع إيران ضغوطاً إضافية على ‘حماس’ في أي اتفاق محتمل؟

هل تضع حرب إسرائيل مع إيران ضغوطاً إضافية على ‘حماس’ في أي اتفاق محتمل؟

وسط استمرار الحرب الإسرائيلية الشاملة على إيران، خاصة عبر العمليات العسكرية والاستهدافات المباشرة لها، أو عبر ضرب أذرعها الإقليمية، تتغير معادلة التوازن الإقليمي وتؤثر مباشرةً على المشهد الفلسطيني، ولا سيما في غزة.

صعوبة التوصّل إلى تفاهمات مع طهران، التي تُعدّ داعماً أساسياً للمقاومة الفلسطينية، تزيد من تعقيد مسارات المفاوضات وتؤدّي إلى تصاعد التوترات، ما يضع ضغوطاً إضافية على جهود التهدئة.

وبينما تتواصل الجهود الدولية لوقف التصعيد، تبرز تساؤلات عن مدى تأثير هذه الحرب على مستقبل الملف الفلسطيني، والصفقة المؤجلة في غزة، وسط مخاوف من فرض إسرائيل مزيداً من الشروط في حال تحقيق أهدافها في إيران.

 

إدارة ترامب لا ترى غزة أولوية
يرى المحلل السياسي محمد هواش، في حديث مع “النهار”، أن الملف الفلسطيني، وتحديداً الوضع في غزة، لا يحتل أولوية لدى الإدارة الأميركية الحالية برئاسة دونالد ترامب، وهو ما يصبّ في مصلحة الحكومة الإسرائيلية التي تتهرّب من أيّ حديث عن هدنة، وتفضّل طرح اتفاق استسلام شامل على حركة “حماس”، تدرك مسبقاً أن الأخيرة سترفضه.

ويعتقد هواش أن واشنطن، بعد انتهاء الحرب على إيران، قد تميل إلى اتباع سياسة أكثر تشدّداً تجاه “حماس”، ما لم يتم التوصّل إلى اتفاق شامل مع إيران، يتضمّن إعلاناً رسمياً من طهران بالتخلي عن أذرعها الإقليمية، بما فيها “حماس”.

تفكّك “محور المقاومة”
وبحسب هواش، فإن من الصعب اليوم الحديث عن وجود “محور مقاومة” فعلي، في ظل “خروج دمشق، القلعة التاريخية لهذا المحور، من المعادلة، وهزيمة حزب الله العسكرية في لبنان، والكوارث التي لحقت بغزة”.

ويشير هواش إلى أن هذا المحور “لا يملك قوة يمكن إضافتها إلى قوة حماس، حتى وإن خرجت طهران من الحرب بخسائر محدودة”. فإسرائيل “وجهت ضربات رادعة”، وإيران “لم تنخرط عسكرياً في المعركة، حتى من منطلق الدفاع عن أذرعها”. فجميع المعارك التي خاضتها أذرع إيران، بحسب هواش، كانت “من أجل حماية مكانة طهران ومشروعها الإقليمي، وليس العكس”.
ويضيف أن “حماس”، في وضعها الراهن، “لا تملك القدرة” على تحقيق ما عجزت عنه في السابق، حتى عندما كانت تحظى بتعاطف شعبي واسع من الرأي العام الدولي خلال الحروب السابقة.

 

بين التصفية والتسوية
يحذّر هواش من أن السيناريو الأسوأ يتمثل في استمرار الوضع الميداني على حاله، فيواصل الجيش الإسرائيلي تضييق الخناق على ما بقي من قوات “حماس” في غزة، تمهيداً لخلق بيئة تتيح لإسرائيل إدارة القطاع من خلال مجموعات فلسطينية تابعة لها.

أما السيناريو الأفضل، من وجهة نظره، فهو أن “تبادر حماس إلى تسليم جميع الرهائن، وتقبل بصيغة تسوية فلسطينية-عربية شاملة”، إذ من شأن ذلك، بحسبه، أن “يجنّب” الفلسطينيين خطراً أكبر، يتمثل في سعي الحكومة الإسرائيلية اليمينية لا فقط إلى تغيير الإدارة في غزة، بل إلى تغيير مبدأ ارتباط الفلسطيني بأرضه، واستبدال فكرة “إدارة القطاع” بفكرة “إعادة تشكيل التركيبة السكانية فيه”.

 

 

المرشد الايراني ورئيس الوزراء الاسرائيلي. (أ ف ب)

إنهاك المقاومة الفلسطينية

يرى الباحث في الشأن الأميركي توفيق طعمة أنه بعد 19 شهراً من حرب الإبادة والقتل الجماعي في غزة والضفة الغربية، يمكن القول إن “حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية عموماً تعاني من إنهاك كبير”.

ومع ذلك، فإن “موقف المقاومة أصبح أكثر قوّةً وتعزيزاً”، سواء في نظر الشعب الفلسطيني أو حتى في نظر بعض الأطراف الإقليمية والدولية، وذلك لأنها الجهة الوحيدة التي تخوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

ويشير طعمة، في حديث مع “النهار”، إلى أنه “خلال هذه الفترة الطويلة، لم تتلقَ المقاومة الفلسطينية دعماً حقيقياً، فقد قاتلت وحدها، باستثناء الدعم المحدود من بعض فصائل المقاومة الأخرى التي وقفت إلى جانبها وشاركت في القتال ضد إسرائيل”.

بالتالي، فإن “صمود المقاومة في غزة، رغم الحصار والقصف والدمار، يعزز من موقفها التفاوضي إذا عادت المفاوضات في المستقبل”،  رغم أن المفاوضات الآن متوقفة ولا يُعرف متى ستُستأنف.

“حماس” لا تزال تقاتل

يؤكد طعمة أن “المقاومة الفلسطينية تقاتل اليوم من موقع القوة لا من موقع الضعف. إسرائيل حاولت كسرها أكثر من مرة، لكنها لم تنجح. وشروط المقاومة لا تزال واضحة ولم تتنازل عنها، فيما تسعى إسرائيل لفرض تنازلات، على رأسها مطالبة حماس بوقف إطلاق النار دون شروط، وهو ما ترفضه حماس”.

ويلفت إلى أن “إسرائيل تطالب حماس بالتنازل عن شروطها، وأبرز هذه المطالب هو وقف إطلاق النار، لكن حماس لا تزال تقاتل وتكبّد إسرائيل خسائر، رغم المعاناة الكبيرة في الجانب الفلسطيني”.

ويقول طعمة إن ما يجري حالياً هو “حرب عصابات تخوضها المقاومة الفلسطينية”، مشدداً على أنه “ليس أمام حماس أيّ خيار سوى رفض شروط الاستسلام” التي يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى فرضها.
ويحذر  الباحث الفلسطيني من صعوبة الواقع الميداني “للغاية”، إذ خسرت “حماس” عدداً كبيراً من عناصرها، فيما تكبّد الشعب الفلسطيني خسائر فادحة، وسط حصار خانق على قطاع غزة. ورغم كل ذلك، “لا تزال المقاومة تقاتل، ولا خيار أمامها سوى الاستمرار حتى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع”.