دلائل جديدة على توظيف برامج تجسس إسرائيلية ضد صحفيين في أوروبا

في تطور لافت ضمن ملف التجسس الإلكتروني في أوروبا، كشف تقرير حديث صادر عن مختبر “سيتزن لاب” Citizen Lab الكندي المتخصص بالأمن السيبراني، عن أدلة جديدة تشير إلى استخدام برمجيات تجسس متقدمة من تطوير شركة “باراغون” الإسرائيلية لاختراق أجهزة عدد من الصحافيين الأوروبيين، بينهم شخصيات بارزة في المشهد الإعلامي الإيطالي.
ووفقاً لتحقيق نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، فإن البرمجية الخبيثة استُخدمت في استهداف هاتف سيرو بيليغرينو ، مدير مكتب نابولي في موقع “Fanpage.it”، وهي مؤسسة إعلامية معروفة بتحقيقاتها التي تنتقد أداء الحكومة الإيطالية بقيادة جورجيا ميلوني. ويأتي هذا الاستهداف بعد أشهر قليلة من اختراق هاتف الصحافي فرانشيسكو كانسيلاتو، الذي يُعرف بقربه من بيليغرينو، ما يزيد من الشكوك حول دوافع هذه العمليات ومن يقف وراءها.
ولم تكن حالة بيليغرينو الوحيدة التي وردت في التقرير، إذ تم الكشف عن عملية اختراق ثالثة استهدفت صحافيًا أوروبيًا آخر لم تُذكر هويته، لكنه يُوصف بأنه “بارز”، مما يعكس اتساع نطاق استخدام هذا النوع من البرمجيات ضد الصحافيين.
من جانبها، أكدت شركة “باراغون”Paragon في تصريحات لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أنها سبق أن عرضت على الحكومة الإيطالية المساعدة في التحقيقفي ما خص واقعة كانسيلاتو، إلا أن السلطات الإيطالية رفضت ذلك العرض، مبررة قرارها بمخاوف تتعلق بالأمن الوطني. ورغم تصاعد الجدل، التزمت حكومة ميلوني الصمت، ورفض مكتبها الإدلاء بأي تعليق للصحيفة البريطانية.
يُذكر أن شركة “باراغون” تصرّ على أنها تبيع تقنياتها فقط من “حكومات ديموقراطية”، وأن شروط استخدام برمجياتها تمنع استهداف المدنيين، بمن فيهم الصحافيون. لكن تحليلات فريق “سيتزن لاب”، بقيادة الباحث جون سكوت رايلتون، رصدت بصمات رقمية مطابقة في الأجهزة المستهدفة، تؤكد استخدام العميل الرقمي نفسه الذي تورط في الهجوم على كانسيلاتو.
وتتزامن هذه الكشوفات مع تحقيق أجرته لجنة تابعة لجهاز المراقبة الأمني الإيطالي “كوباسير “COPASIR ، كشفت فيه أن وكالات الاستخبارات الإيطالية – المحلية والدولية – أبرمت عقوداً مع شركة “باراغون” خلال عامي 2023 و2024، واستخدمت برامجها بموافقة النيابة العامة لتعقب إرهابيين ومطلوبين للعدالة.
لكن الخلاف يتصاعد مع اتساع دائرة المراقبة، التي طاولت أيضاً نشطاء حقوقيين معروفين بدعمهم لقضايا الهجرة، مثل لوكا كاساريني وجوزيبي كاتشيا. ورغم أن السلطات برّرت مراقبتهم بـ”صلتهم بالمهاجرين غير الشرعيين”، فإن منظمات حقوق الإنسان تحذر من التذرع بالأمن لتبرير ملاحقة الأصوات المنتقدة.
تقرير “سيتزن لاب” يسلّط الضوء مجدداً على مخاطر استخدام تقنيات التجسس في بيئات ديموقراطية، ويطرح تساؤلات عميقة حيال حدود الرقابة، ودور شركات الأمن السيبراني الخاصة في النزاعات السياسية الداخلية.