الفيدرالي الأمريكي يواجه ترامب ويثبت أسعار الفائدة للمرة الرابعة: المستقبل لا يزال غامضاً

الفيدرالي الأمريكي يواجه ترامب ويثبت أسعار الفائدة للمرة الرابعة: المستقبل لا يزال غامضاً

في واشنطن، حيث تُكتب خرائط الأسواق بقرارات الفيدرالي، خرج جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأميركي، من اجتماعه الرابع لهذا العام من دون مفاجآت في سعر الفائدة… لكنه حمل معه قراراً مؤجلاً تشوبه حالة عدم اليقين: التضخم قادم، والرسوم الجمركية ستشعل فتيل الأسعار من جديد.

 

لم يُغيّر الفيدرالي سعر الفائدة للمرة الرابعة على التوالي. القرار كان متوقعًا، لكن الانقسام في توقعات أعضائه بشأن 2025 كان بمثابة جرس إنذار للأسواق. فبينما تُظهر خارطة التوقعات نقطتين لخفض الفائدة هذا العام، يرى 7 من أصل 19 مسؤولًا أنّ لا خفض على الإطلاق في 2025، بينما يتمسك آخرون بآمال الخفض.

 

الرسوم الجمركية في المشهد النقدي
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أشعل حرب الرسوم مجددًا، يبدو أنه قد بدأ يترك بصمته على جدران البنك المركزي. باول، بنبرة حذرة، قال صراحة: “نعلم أن الأكلاف قادمة… وعلينا أن نرى أثرها على المستهلكين قبل إصدار الأحكام.”
الفيدرالي بات عالقًا بين نارين: تضخم قد ينفجر بفعل الرسوم، وأسواق تتوق لخفض الفائدة. باول أوضح أن السياسة النقدية “في مكان جيد”، لكنه أقر أن تأثير الرسوم الجمركية لا يزال غامضًا، وأن الصيف قد يكشف أكثر.

 

ما الذي يخشاه باول؟
التاريخ ليس بعيدًا. في 2018 و2019، عندما فُرضت رسوم مشابهة على الصين، ارتفعت أسعار عدد من السلع بشكل ملموس، وهو ما انعكس على ثقة المستهلك وسلوك الشركات. واليوم، يلوّح ترامب برسوم مرتفعة على بعض الواردات، ما يعني أن الضغط هذه المرة قد يكون أكبر وأوسع.

لكن باول لا يرى في سوق العمل أي صرخة تطلب خفض الفائدة. “ليس لدينا سوق وظائف تنادي من أجل خفض”، كما قال.

 

 

الانقسام داخل الفيدرالي… مؤشر على خلاف أعمق
ما يدعو الى التنبه هو الانقسام المتزايد داخل لجنة السياسة النقدية. فبينما يبدو القرار الحالي بالإجماع، إلا أن التوقعات للعام المقبل تفضح هشاشة التوافق. البعض يتوقع استمرار التضخم، والبعض الآخر يرى تباطؤًا اقتصاديًا. والأهم أن 7 أعضاء يرون أن لا خفض فائدة في عام 2025.

هنا يكمن سؤال محوري: هل بدأ الفيدرالي يفقد البوصلة وسط هذا الكم من الضباب السياسي والاقتصادي؟

 

رأي


الصفقة الهشة: كيف تحولت الحرب التجارية إلى “هدنة مشروطة” بين بكين وواشنطن؟


في صلب الاتفاق: تعهد صيني بتسريع تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي عناصر حيوية لصناعات أميركية حساسة تشمل الرقائق الإلكترونية، السيارات الكهربائية، والهواتف الذكية.

 

الأسواق على أطراف أصابعها
تقلب أداء المؤشرات الأميركية في ظل دفع رهانات خفض الفائدة في أيلولسبتمبر إلى الواجهة، مع احتمال تجاوز 70% بحسب العقود المستقبلية. ما يجعل الأسواق تعتقد أن أيلولسبتمبر سيكون موعداً من دون ضبابية على الأقل؛ وأن المخاوف الحالية تستمر إلى حين ظهور التأكيدات.

 

ماذا بعد؟
باول سيواجه جلسة استماع في الكونغرس الأسبوع المقبل. وهناك، قد يتعرض لضغوط سياسية أكبر، خصوصاً في ظل تصريحات ترامب الأخيرة التي وصفه فيها ببعض العبارات غير اللائقة، مطالبًا بخفض فوري للفائدة.

 

لكن الحقيقة أن باول لا يقود دفة سفينة مستقرة. ما بين حرب تجارية مشتعلة، ومخاوف من ركود يلوح في الأفق، وأسواق متوترة وتوترات جيوسياسية مرتفعة، كل قرار يحتاج إلى يقين… وإلى كثير من الانتظار.

 

وفي النهاية، لم يعد السؤال: متى يخفض الفيدرالي الفائدة؟ بل: هل يستطيع أن يتخذ قراره في ظل طوفان السياسة؟

 

** رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة إكويتي