أزمة الصحراء ليست صعبه وقابلة للحل فهل ستقبل أطراف النزاع بمبادرة سلام لحلها؟
كتب:د.فارس قائد الحداد
لا شك ان القراءة العميقة في فصول هذه القضية او هذه الأزمة سيجد انها لم تكن وليده اللحظه فحسب فقد كان اقليم الصحراء والاقاليم الاخرى تحت سيطره الاستعمار الاسباني انذاك وعند بدايه ثورات التحرر العربية والافريقية في العالم الثالث وبالاخص منطقه الشرق الاوسط وافريقيا وبعد كفاح مسلح ومناهض للاستعمار الاسباني وغيره انذاك حصلت اقليم الصحراء على الجلاء وخروج الاسبانيين منها لكن سياسه الاستعمار لن تكتفي بالخروج من اقليم الصحراء المحتل انذاك بسلام لكنه له سياسته الخاصه في اشراك الكثير من الاطراف والقوى في دائره النزاع والخلاف فتقاسمت المغرب وموريتانيا الصحراء بين الجانبين حسب الروايات التاريخية فاصبحت المغرب تسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم تحت مبررات قانونيه وجغرافيه وسكانيه وإن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه، ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية .
وهو ما رفضه ابناء الصحراء مطالبين بالاستقلال وهو ما رفضة المغرب وهنا بدأت فصول الأزمة والخلاف ونشب حروب بين اطراف القضية وتعقدت الأزمة اكثر ونتيجه لغياب الرؤيه السياسيه ومبدا الحوار بين اطراف القضيه او النزاع وعدم نجاح اطراف القضية في كسب بعضهم البعض وعلى أثر ذلك بدأت فصول القضية الممتدة من عام 1963م وظهرت الجبهة الوطنية الشعبية “البوليساريو” كتنظيم مسلح من ابناء الصحراء المطالبين بالاستقلال في المقابل توكد المغرب ان اقليم الصحراء جزء من اراضية ولا باس حصوله على الحكم الذاتي.
موقف القانون الدولي من قضية الصحراء
مثل قضية أزمة الصحراء يمكن حلها وفق الاعراف القانونية للقانون الدولي وتخضع الى جهه تحكيم قضائية دوليه او عربيه او اقليميه محايده تقف هذه جهه التحكيم الدوليه القضائيه او الامميه على مسافه محايده من الطرفين لان مهمتها او دورها هو حل القضية وتتولى جهة التحكيم الدوليه مهمة قراءة بل ودراسة ملف القضية من كل الزوايا والمسارات واستدعاء او مخاطبة اطراف الازمة او القضية لتمثيل كل طرف منهما محامياً قانونياً في هذه القضية وبعد ان توضع على جهه تحكيم قضائيه دوليه او اقليمية او عربية يسمع جهة التحكيم من اطراف النزاع او القضية من كل طرف على حده وبعد تقديم كل طرف بما لديه من ادله وبراهين قانونية وبعد عمليه استكمال الاطر القانونية لادله الطرفين يحق لجهة التحكيم اتخاذ قرارها وفق الاعراف القانونية والحكم بفصل القضية بحيث تكون قرارات واحكام جهه التحكيم ملزمة ومقبولة وعادلة وشاملة لطرفي الازمه والقضية لكن ما حدث في ملف قضيه أزمة الصحراء انه سلم لجهة التحكيم الدولية والاممية ووضع ملف الأزمة على طاولة المحكمة لسنوات على أمل حله وإنهاء بؤر الاحتقان بين الجانبين، لكن الأمر طال وتوسعت دائرة الأزمة يوماً بعد آخر في حل هذه الأزمة وإيقاف نزيف الدم،على الرغم من تقديم جهه التحكيم الدوليه حلول لقضيه الصحراء لكن جهه التحكيم الدوليه انذاك ممثله بالامم المتحده لم تقدم حلول ملزمة وجذريه للقضية بل قدمت حلول جزئية وليست شاملة وتركت ابواب اخرى لبقاء أزمة القضية مفتوحة انها ايدت حصول الصحراء على الاستقلال باعتبار انها كانت مستعمرة وحصلت الصحراء الغربية على الاستقلال في عام 1976 واعترفت كثير من الحكومات بقيام الجمهورية العربية الصحراوية كدولة مستقلة، وأصبحت عضو في الاتحاد الإفريقي بموجب نص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991 ومع ذلك ظل باب الأزمة مفتوح والصراع قائم في الوقت ذاته تحدثت وسائل الاعلام مؤخراً عن مشاورات دون حلول كما أعتقد تدور في اروقة المنظمات الاممية ومجلس الامن الدولي لكن ما تحدث عنه وسائل الاعلام قبل يومين ان ملف أزمة الصحراء تحرك ومجلس الامن اكد على حصول الصحراء على الاستقلال ولم يتطرق الى حلول ملزمة وجذريه للقضية مثل إيقاف نزيف الدم ومعالجة الملف الانساني والافراج عن كل المعتقلين من الطرفين وهو نفس الاسطوانة المشروخة والحلول المشلولة الاحادية والكلام الذي سمعناه في الماضي أعتقد ان حلول للقضية الصحراوية يجب ان تكون عادلة وملزمة ومقتنع بها طرفي القضية وليس مقتنع بها طرف دون الاخر .
ومنذ ذلك الحين أصبح ملف أزمة الصحراء الغربية على طاولة جهة التحكيم الدولية لحل القضية، لكني لا أعتقد أن مساعي العدل الدولية لحل هذه الأزمة سيفضي أو سيخرج إلى الواقع عن قريب، بقدر ما يوحي بأن إطالة أمد الأزمة والنزاع بين الجانبين سيأخذ ربما لسنوات قادمة.
قضية الصحراء من منظور القانون الدولي الانساني
خلف النزاع بين اطراف القضية في اسوء أزمة انسانية نتيجة الحروب العسكرية بين اطراف القضية وخلفت مآسي رهيبة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وسببت نزوح الآلاف، إذ لجأ خلال هذه الحرب الكثير من المدنين حيث يقيمون في مخيمات منذ عقود.
ويتباين تقدير عددهم حسب موقع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إنه يوجد 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و125 ألف لاجئ.
وتشير وكالات الأمم المتحدة إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظل ظروف صعبة وبات من الضروري التدخل العربي والإفريقي والأممي لإنقاذ هؤلاء اللاجئين الذين يحتاجون الغذاء والماء والدواء وكل مقومات الرعاية والاهتمام.
الموقف الدولي من قضيه ازمه الصحراء ‘ الأسباب والعوامل المؤديه لتطور الأزمة ”
الانقسام الدولي على ملف قضية الصحراء لعب دور في استمرار باب الصراع وبقائه قائم بالإضافة الى التدخل الاجنبي والدولي في ملف القضية واعتماد سياسة النفاق والمصلحة قبل أي إعتبار أي تعامل مع ملف قضية الصحراء وفق مصالحة لا يهم تحتل بقدر ما يريد ان تستمر ولا هم للعالم المنافق الا استمرار الخلاف والنزاعات بين الأخوة الواحدة ولو كان العالم حريص على إيجاد حل للقضية الصحراوية انهم حلوها من زمان وانا هنا لا اعاتب هذا العالم المنافق وانما اعاتب اشقائنا في المغرب والصحراوين وحلفائهم من الجزائر كان بامكانكم حل القضية بالتفاهم لكن السؤال هنا ما هو سبب إطالة أمد هذه القضية ولماذا لا تحل القضية جذرياً، هل هو تقصير وتلاعب جهات التحكيم الدولية في حل هذه القضية؟، أم أن سياسة التدخلات الخارجية والدولية ما زالت تعرقل مساعي العدل الدولية وتلعب في هذا الملف الشائك والمعقد في سياق مصالحها الجيوسياسية؟.
بكل تأكيد قد تكون هذه الأسباب أو هذا السبب الأخير هو العامل الأساسي لإطالة عمر هذه القضية وتوسيع رقعتها، وخاصة بعد حديث الإعلام عن تدخلات خارجية واضحة أصبحت تلعب في هذا الملف بشكل جلي وواضح، ، الذي أصبح أيضاً يعلب بالنار مع هذا الطرف أو ذاك ويدعم هذا الطرف أو ذاك، فهو المستفيد من إطالة هذه القضية وتوسيع رقعة النزاع بين الاخوة.
أعتقد أن استمرار الصراع أو النزاع أو الخلاف السياسي بين الاخوة اطراف القضية حول ملف الصحراء لكني أعتقد انه لن يستمر باب الأزمة مفتوح والصراع قائم إطلاقاً لطالما اننا نمتلك كل من فرص حلها عبر الحوار والسلام والدبلوماسية بشكل دائم وكلي، وأن مستقبل عودة العلاقات الأخوية بين اطراف القضية و”البوليساريو” قابلة للنمو مجدداً إذا ما توفرت الإرادة السياسية والنوايا الصادقة لدى الجانبين لإيجاد حل للأزمة بشكل مرضي وعادل بين الطرفين في حال رغبة الجانبين لإنهاء النزاع، وخاصة مع بروز واقع ومناخ سياسي ودبلوماسي مفتوح أمام كل الأطراف، ما يؤكد أن أزمة الصحراء ليست صعبة بهذا القدر وقابلة للحل، وهو الأمر الذي سيعجل بحل القضية وإنقاذ الآلاف من الأبرياء، وعودة المياه إلى مجاريهاوهذا ما يجعلنا نقول ان أزمة الصحراء ليست صعبة حلها وانما سهل حلها وهناك كثير من فرص النجاح في حل القضية ونحن مستعدون ان نلعب دور سلمي ودبلوماسي بين اطراف القضية في حال موافقتهم لحل أزمة الصحراء، فهل يا ترى ستقبل أطراف النزاع بمقترح لمبادره سلام لحل أزمة الصحراء؟
باحث في الإعلام والقانون الدولي والازمات الدولية والافريقية وأزمة الصحراء، صحافي وحقوقي يمني.