علي جمعة: الشيطان لم ينكر الله ولم يشرك به

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن العبادة الحقة تقوم على مبدأ جوهري هو أن “تعبد الله كما يريد، لا كما تريد”.
وتابع جمعة أن هذا المبدأ، الذي قد يبدو بديهيًا غائب عن أذهان كثير من الناس، وأن التغافل عنه كان أساس عصيان إبليس، الذي لم يعترض على عبادة الله في ذاتها، بل خالف أمره بدافع من الكِبر.
الهوى والكبر أصل الانحراف
أوضح جمعة في تفسيره لقصة إبليس، أنه لم ينكر وجود الله، ولا أشرك به غيره، بل إنه أراد أن يعبده على طريقته الخاصة، رافضًا السجود لآدم بدعوى أنه “خيرٌ منه”.
وقال إن الكبر – وهو أحد مكونات الهوى – هو ما منعه من الطاعة، محذرًا من أن الهوى حين يتحكم في النفس يصبح إلهًا يُعبد من دون الله. واستشهد بقوله تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43].
الإفراط والتفريط
استكمل فضيلة المفتي أن الانحراف في الطاعة يأتي من فريقين متناقضين، كلاهما ضلّ الطريق: الفريق الأول:
أراد الالتزام فزاد على أمر الله وابتدع، فشدّد على نفسه وعلى غيره، واختزل الدين في ظاهر الأفعال، وقال “هذا معقول عندي”.
الفريق الثاني: أراد أن يتفلّت من الالتزام، فاتبع هواه، وقال “هذا غير معقول عندي”، مبررًا بذلك تخلّيه عن الفرائض بحجج عقلية ظاهرها التأمل وباطنها الانقياد للشهوات.
وكلا الفريقين، بحسب د. جمعة، وقع في فخ “الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض”، في مخالفة صريحة لتحذير الله تعالى:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85].
العقل في ميزان الوحي
شدد الدكتور علي جمعة على أن العقل في الإسلام له دور سامٍ، يتمثل في فهم الوحي والواقع، والتوفيق بينهما، لكنه ليس مصدرًا للتشريع. إذ إن الأحكام لا تُنشأ بالعقل، بل تُستنبط من الوحي بضوابط العلم الشرعي. وقال: “دور العقل ليس أن يخترع الأحكام، فهذا من اختصاص الله وحده”، مستشهدًا بقوله تعالى:
{إِنِ الحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40].
العبادة طاعة لا اختيار
أعاد المفتي التأكيد على أن جوهر العبادة هو التسليم والانقياد، لا التخيير والمفاضلة، وهو ما افتقده إبليس حين رفض تنفيذ أمر الله بالسجود، فالعبادة لا تعني فعل ما نراه مناسبًا، بل الالتزام بما أمر الله به على لسان رسله، مهما خالف هوى النفس أو اجتهاد العقل.